مسألة : قال الشافعي : وإنما نبيع أولاد المشركين من المشركين بعد موت أمهاتهم إلا أن يبلغوا فيصفوا الإسلام ( قال المزني - رحمه الله - ) ومن قوله : إذا سبي الطفل وليس معه أبواه ولا أحدهما أنه مسلم ، وإذا سبي ومعه أحدهما فعلى دينهما ، فمعنى هذه المسألة في قوله أن يكون سبي الأطفال مع أمهاتهم فيثبت في الإسلام حكم [ ص: 246 ] أمهاتهم ولا يوجب إسلامهم موت أمهاتهم " .
قال الماوردي : ومقدمة هذه المسألة أن لا يخلو حال سبيه ، أن يكون مع أحد أبويه أو مفردا ، فإن سبي مع أحد أبويه كان حكمه بعد السبي كحكم المسبى مع أبويه ، فإن أسلم أبواه أو أحدهما كان إسلاما له ولصغار أولادهما ، سواء اجتمع الأبوان على الإسلام أو أسلم أحدهما ، وسواء كان المسلم منهما أباه أو أمه ، ولا اعتبار بحكم السابي ، وإن لم يسلم واحد من أبويه كان مشركا بشركهما ، ولا يصير مسلما بإسلام سابيه ، ولأن اعتباره بأحد أبويه أولى من اعتبار سابيه لأجل البعضية ، وبه قال المسبى من أولاد المشركين أبو حنيفة .
وقال الأوزاعي : يصير مسلما بإسلام السابي وإن كان مع أحد أبويه ، وهذا خطأ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : . وقال كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه مالك : يصير الولد مسلما بإسلام أبيه ، ولا يصير مسلما بإسلام أمه ، ويكون في الدين تابعا لسابيه دون أمه ، وهذا غير صحيح ، لأمرين :
أحدهما : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ، فاعتبر حكمه بأبويه دون سابيه . فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه
والثاني : أنه من أمه يقينا ، ومن أبيه ظنا ، فلما صار معتبرا بأبيه فأولى أن يصير معتبرا بأمه .