فصل : فأما خيبر ، فالذي عليه الفقهاء أنهم ممن أخذ الجزية منهم كغيرهم ، وقد تظاهروا في هذا الزمان بأمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتاب نسبوه إليه أسقطوا به الجزية عن نفوسهم ، ولم ينقله أحد من رواة الأخبار ، ولا من أصحاب المغازي ، ولم أر لأحد من الفقهاء في إثباته قولا غير يهود أبي علي بن أبي هريرة - فإنه - جعل مساقاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نخل خيبر حين افتتحها ، وقوله لهم : أقركم ما أقركم الله أمانا ، وجعلهم بالمساقاة خولا ، وأن بهذين سقطت الجزية عنهم ، وهذا قول تفرد به لا أعرف له موافقا عليه ، وليس الأمان موجبا لسقوط الجزية : لأنها تجب بالأمان ، فلم تسقط [ ص: 311 ] به ، ولا تسقط بالمعاملة كما لا تسقط بها جزية غيرهم ، ولو جاز هذا فيهم لكان في أهل فدك أجوز : لأنه فتحها صلحا ، وفتح خيبر عنوة ، وأحسب أبا علي بن أبي هريرة لما رأى الولاة على هذا أخرج لفعلهم وجها ، وما لم يثبته الفقهاء لنقل أوجب التخصيص فحكم العموم فيه أمضى ، والله أعلم .