مسألة : قال  الشافعي      : " قال ويجوز في الضحايا الجذع من الضأن والثني من الإبل والبقر والمعز لا يجوز دون هذا من السن " .  
قال  الماوردي      :  أما الضحايا فلا تجوز إلا من النعم   لأمرين :  
أحدهما : قول الله تعالى :  أحلت لكم بهيمة الأنعام      [ المائدة : 1 ] .  
والثاني : أنه لما اختصت بوجوب الزكاة اختصت الأضحية ، لأنها قربة ، والنعم هي الإبل والبقر والغنم ، قال  الشافعي      : هم الأزواج الثمانية التي قال الله تعالى :  
 [ ص: 76 ] ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين      [ الأنعام : 43 ] . يعني ذكرا وأنثى فاختص هذه الأزواج الثمانية من النعم بثلاثة أحكام :  
أحدها : وجوب الزكاة فيها .  
والثاني : اختصاص الأضاحي بها .  
والثالث : إباحتها في الحرم والإحرام وفي تسميتها نعما وجهان :  
أحدهما : لنعومة وطئها إذا مشت حتى لا يسمع لأقدامها وقع .  
والثاني : لعموم النعمة فيها في كثرة الانتفاع بألبانها ونتاجها .  
فإذا تقرر أن الضحايا بالإبل والبقر والغنم دون ما عداها من جميع الحيوان فأسنان ما يجوز في الضحايا منها معتبرة ولا يجزئ دونها ، وقد أجمعنا على أنه لا يجزئ ما دون الجذاع من جميعها ولا يلزم ما فوق الثنايا من جميعها ، واختلفوا في الجذاع والثنايا على ثلاثة :  
أحدها : وهو قول  عبد الله بن عمر   والزهري   أنه لا يجزئ منها إلا الثنايا من جميعها ولا يجزئ  الجذع من الضأن   كما لا يجزئ  الجذع من المعز      .  
والمذهب الثاني : - وهو قول  عطاء   والأوزاعي      - أنه يجزئ الجذع من جميعها حتى من الإبل والبقر والمعز كما يجزئ الجذع من الضأن .  
والمذهب الثالث : وهو قول  الشافعي   وأبي حنيفة   ومالك   والجمهور من الفقهاء - أنه لا يجزئ من الإبل والبقر والمعز إلا التي دون الجذع ، ويجزئ من الضأن وحده الجذع .  
والدليل على ذلك ما رواه  جابر بن عبد الله   عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :  لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن     .  
فدل هذا الخبر على اعتبار المسن من غير الضأن والجذع من الضأن ، وليس ذلك شرطا في الاعتبار ، لما روى  زيد بن خالد الجهني   قال :  قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه ضحايا فأعطاني عنزا ذا جذع فرجعت إليه فقلت : إنه جذع فقال : ضح به فضحيت به     .  
وروي عن  سعيد بن المسيب   عن  عقبة بن عامر   قال :  سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجذع من الضأن ، فقال : ضح به     .  وروى  ابن عباس   قال : جلبت غنما جذاعا إلى  المدينة    [ ص: 77 ] فكسدت علي ، فلقيت  أبا هريرة   ، فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : نعم الأضحية الجذع من الضأن ، قال : فانتهبها الناس  والدليل على أن الجذع من المعز لا يجزئ ما رواه  الشافعي   عن  سعيد بن المسيب   عن  ابن خباب   عن  يزيد   عن  البراء بن عازب   قال :  خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم العيد ، فقال : إن أول نسك يومكم هذا الصلاة ، فقام إليه خاليأبو بردة   ، فقال يا رسول الله ، كان يوما يشتهر فيه اللحم ، وإنا عجلنا فذبحنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبدلها ، قال : يا رسول الله إن عندنا ماعزا جذعا ، فقال : هي لك وليست لأحد بعدك     .  
فدل على أن الجذع من المعز لا يجزئ غيره ، وفي تخصيص النبي - صلى الله عليه وسلم -  لأبي بردة   بإجزائها عنه وجهان :  
أحدهما : لأنه كان قبل استقرار الشرع فاستثني  
والثاني : أنه علم من صدق طاعته وخلوص نيته ما ميزه عمن سواه .  
واختلفوا هل كان ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اجتهاد رأيه أو عن وحي من الله تعالى ؟ على وجهين .  
				
						
						
