[ ص: 338 ] باب كفارة يمين العبد بعد أن يعتق
مسألة : قال الشافعي : ( لا يجزئ العبد في الكفارة إلا الصوم لأنه لا يملك مالا ) .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا وجبت على العبد كفارة يمين أو ظهار أو قتل لم يجزه إذا لم يملكه السيد مالا أن يكفر إلا بالصيام : لأنه لا يقدر على المال وهو أسوأ حالا من الحر المعسر الذي يصح منه تملك المال ، وإن ملكه السيد مالا لم يكن له أن يكفر به إن لم يأذن له السيد في التكفير به ، سواء حكم له بملك المال أو لم يحكم : لأنه محجور عليه في حق السيد وإن أذن له أن يكفر بالمال ، فقد اختلف قول الشافعي في على قولين : العبد هل يملك إذا ملك أم لا ؟
أحدهما : يملك إذا ملك ، وبه قال في القديم ، وهو مذهب مالك والحجازيين .
والقول الثاني : لا يملك وإن ملك ، وبه قال في الجديد ، وهو مذهب أبي حنيفة والعراقيين ، وقد مضى توجيه القولين في غير موضع .
فإن قيل بالجديد أن لا يملك لم يكفر إلا بالصيام ، ولا يجوز أن يكفر بإطعام ولا كسوة ولا عتق ، وإن قيل بالقديم أنه يملك إذا ملك جاز أن يكفر بالإطعام والكسوة لقدرته عليه مع ملكه ، وفي جواز تكفيره بالعتق وجهان :
أحدهما : يجوز كالإطعام والكسوة .
والوجه الثاني : لا يجوز لما فيه من استحقاق الولاء الذي لا يستقر له عليه ملك ، ولا يثبت له به ولاية ولا إرث ، وإذا قيل بجوازه على الوجه الأول ، ففي ولائه قولان :
أحدهما : للسيد .
والثاني : أنه موقوف على ما يفضي إليه حاله من عتق فيصير الولاء له أو يموت على رقه ، فيكون لسيده ، وهكذا حكم المدبر وأم الولد والمعتق بالصفة ، فأما المكاتب فإن قيل : إن العبد لا يملك إذا ملك لم يكن له أن يكفر إلا بالصيام ، وإن أذن له السيد ففي جواز تكفيره بالمال قولان :
[ ص: 339 ] أحدهما : يجوز كالعبد وليس بأسوأ حالا منه .
والقول الثاني : لا يجوز أن يكفر إلا بالصيام ، وإن كان العبد أن يكفر بالمال ؛ لأن ملك السيد لمال مكاتبه ضعيف ، فضعف إذنه معه ، وملكه لمال عبده قوي فقوي إذنه معه .