الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو حلف أن لا يساكنه وهو ساكن ، فإن أقاما جميعا ساعة يمكنه التحويل عنه حنث " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما المساكنة فهي المفاعلة بين اثنين ، فأكثر ، فإذا حلف لا ساكنت فلانا ، فاليمين منعقدة على أن لا يجتمعا في مسكن واحد ، وبر الحالف بخروج أحدهما ، فإن خرج الحالف ، وبقي المحلوف عليه بر ، وإن خرج المحلوف عليه ، وبقي الحالف بر . وإن خرجا معا كان أوكد في البر ، وإن بقيا فيها معا ، حنث الحالف ، وإن قال : " والله لا سكنت مع زيد " فقد ذهب بعض أصحابنا البصريين - أحسبه أبا الفياض - إلى أن اليمين تكون متعلقة بفعل الحالف وحده ، فإن خرج الحالف بر ، وإن خرج المحلوف عليه ، لم يبر ؛ لأنه أضاف الفعل إلى نفسه ، وهكذا لو قال : " والله لا سكن معي زيد " كان تعلق البر بفعل المحلوف عليه وحده ، فإن خرج المحلوف عليه بر ، وإن خرج الحالف لم يبر ؛ لأنه أضاف الفعل إلى المحلوف عليه إلى نفسه وفرق بين هذين ، وبين المساكنة ، وهذا وإن كان له وجه فهو ضعيف ، والصحيح أنه يبر في هذه المسائل الثلاث بخروج أحدهما ؛ لأن اليمين معها معقودة على الإجماع فيها ، وبخروج أحدهما يزول الاجتماع ، فوجب أن يقع له البر . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية