مسألة : قال  الشافعي   رحمه الله : فإذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد وقال  عمرو   وهو الذي روى الحديث في الأموال ، وقال  جعفر بن محمد   من رواية  مسلم بن خالد   في الدين ، والدين مال ، دل ذلك على أنه لا يقضى بها في غير ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مثل معناه قال  الشافعي   رحمه الله : والبينة في دلالة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بينتان ، بينة كاملة هي بعدد شهود لا يحلف مقيمها معها ، وبينة ناقصة العدد في المال يحلف مقيمها معها .  
قال  الماوردي      : إذا ثبت جواز  الحكم بالشاهد واليمين   ، فهو مختص بالأموال ، وما كان المقصود منه المال ولا يحكم بها في غير المال من نكاح ، أو طلاق ، أو عتاق ، أو حد ، وقال  مالك      : أحكم بها في جميع الحقوق من الأموال والحدود ، استدلالا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد ولم يخص المال من غيره ، فكان على عمومه قال : ولأن ما كان بينة في الأموال ، جاز أن يكون بينة في الحدود ، كالشاهدين ، ولأن يمين المدعي في النكول ، لما جاز أن تثبت بها الأموال ، والحدود جاز أن يحكم بمثله في يمينه مع شاهده .  
ودليلنا ما روي  أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشاهد مع اليمين  قال الراوي : في الأموال ، وقيل في الدين ، والدين مال ، فوجب أن يقضي بها في مثل ما قضى به ، لأن القضايا في الأعيان لا تستعمل على العموم ، لحدوثها في مخصوص ، وقد روى  الدارقطني    [ ص: 74 ] في سننه حديثا أسنده إلى  أبي سلمة   عن  أبي هريرة   قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "  استشرت  جبريل   في القضاء باليمين مع الشاهد ، فأشار علي بذلك في الأموال لا تعدو ذلك     " . وهذا نص ، ولأن الشاهد والمرأتين أقوى من الشاهد واليمين ، فلما لم يحكم بالشاهد والمرأتين في غير الأموال ، فأولى أن لا يحكم بالشاهد واليمين فيه ، ولأن الأموال نفع جهات تملكها ، فاتبع حكم الشهادة بها ، ولما ضاقت جهات ما عدا الأموال ضاق حكم الشهادة بها .  
ولا وجه لاستدلال  مالك   بالحديث ، لأن قضايا الأعيان لا يدعى فيها العموم .  
وقياسه على الشاهدين منتقض بالشاهد والمرأتين ، واستدلاله باليمين في النكول ، فلوجوبها عن اختيار المدعى عليه فعمت في حقه ، واليمين مع الشاهد وجبت من غير اختيار ، فجعلت مقصورة على ما اتسع حكمه ، ولم يضق .  
				
						
						
