فصل : فإذا تقرر توجيه القولين ، فإذا قيل : إنه يجري مجرى الوصايا صح رجوعه في التدبير مع بقائه على ملكه ، كما يصح الرجوع فيه بإخراجه لكل قول صريح في الرجوع مثل أو نقضته ، أو أبطلته ، أو رفعته ، أو فسخته ، أو أزلته ، فإن لم يصرح به وأشار إليه ، فالإشارة كناية لا تقوم مقام الصريح في الرجوع ، ولو عرض للبيع فهل يكون كالتصريح في الرجوع على وجهين : قوله : قد رجعت في تدبيرك ،
أحدهما : يكون رجوعا صريحا في تدبيره ؛ لأنه شروع في إخراجه من ملكه ، فكان أقوى من التصريح ببقائه على ملكه .
والوجه الثاني : لا يكون رجوعا صريحا وتدبيره بعد الغرض باق ما لم يبعه ؛ لأن عقده يحتمل أن يريد به معرفة قيمته فلم يصر بهذا الاحتمال رجوعا صريحا في تدبيره . وإذا قيل إن التدبير يجري مجرى العتق بالصفات ، صح الرجوع فيه بإخراجه عن ملكه .
فأما رجوعه فيه بالقول فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون القول غير مقتض لإخراجه عن ملكه . كالألفاظ المقدمة من صريح ، أو كناية ، فلا يصح به الرجوع في تدبيره .
والضرب الثاني : أن يكون القول غير مخرج له عن ملكه في الحال ويفضي إلى إخراجه عن ملكه في ثاني حالة ، وهو أن يجعله عوضا في جعالة ، أو يتلفظ بهبته من غير قبض ، ففي كونه رجوعا في تدبيره وجهان مضيا .
ولو وقفه بعد التدبير ، كان رجوعا في تدبيره ؛ لأنه قد أخرجه بالوقف عن ملكه ، ولو رهنه بعد تدبيره كان في صحة رهنه ثلاثة أقاويل :
أحدها : رهنه باطل على القولين معا .
والثاني : جائز على القولين معا .
والثالث : جائز إن قيل إنه يجري مجرى الوصايا ، وباطل إن قيل إنه يجري مجرى العتق بالصفات فإن قيل : يجوز رهنه بطل تدبيره إن أجري مجرى الوصايا ، وفي بطلانه إن أجري مجرى العتق بالصفات وجهان ؛ لأن الرهن مفض إلى بيعه ، وإن قيل [ ص: 115 ] بفساد رهنه ، لم يبطل تدبيره إن أجري مجرى العتق بالصفات . وفي بطلانه إن أجري مجرى الوصايا وجهان ؛ لأنه تعريض لبيعه ، فيكون ما رجع منه مرقوقا ، وما لم يرجع فيه مدبرا . وقيل : لا يجوز الرجوع في تدبير بعضه ، إذا قيل إن تدبير بعضه يكون ساريا إلى جميعه . والله أعلم . ويجوز إذا دبر جميع عبده أن يرجع في تدبير بعضه ،