مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " والباقي مدبر بحاله " . وجناية المدبر كجناية العبد يباع منه بقدر جنايته
قال الماوردي : : عمد ، وخطأ . جناية المدبر ضربان
فإن كانت عمدا ، وجب عليه القصاص فإن كان اقتص من نفسه مات بالقصاص عبدا ، وإن كان في طرفه ، كان بعد القصاص مدبرا ، وإن كانت جنايته خطأ ، أو عمدا ، عفي فيها عن القصاص تعلقت برقبته ، كالعبد القن ، وكان السيد فيه بالخيار بين : فدائه ، أو بيعه .
وقال أبو حنيفة : لا تتعلق جنايته برقبته ، ويؤخذ السيد بفدائه كأم الولد ، وبناه على أصله في أن لا يجوز فصار في وجوب فدائه كأم الولد . بيع المدبر
والشافعي بناه على أصله في جواز بيعه ، وأسقط به وجوب فدائه ، ويكون السيد فيه بالخيار بين البيع ، أو الفداء . فإن اختار فداءه نظر أرش جنايته ، فإن كان بقدر قيمته فما دون ، فداه بقدر أرشها ، وإن كان أكثر من قيمته . ففيما يفديه به قولان : أحدهما : يفديه بقدر القيمة ؛ لأنه لو بيع لم يستحق فيها غير الثمن .
والقول الثاني : يفديه بجميع جنايته ، وإلا مكن من بيعه لأنه قد يقطع بالفداء رغبة من يجوز أن يشتريه بأكثر من قيمته ، فمنع من قطع هذه الزيادة المظنونة وأخذ بجميع الأرش ما أقام على المنع من بيعه ، ثم يكون المدبر بعد الفداء باقيا على تدبيره ، وإن لم يفده وأراد بيعه في جنايته ، لم يكن لمستحق الجناية أن ينفرد ببيعه ؛ لأنه ملك بالجناية أرشها دون الرقبة ، ولم يجز أن يكون وكيلا في بيعه ؛ لأنه يبيعه في حق نفسه كالمرتهن ، وكان السيد أحق ببيعه لبقائه على ملكه فإن باعه عن إذن مستحق الجناية ، أو عن إذن الحاكم صح بيعه ، ومنع مشتريه من دفع ثمنه إلى السيد البائع ، حتى يجتمع مع مستحق الجناية على قبضه ؛ لأنه مبيع في حقهما ، وإن تفرد السيد ببيعه من غير إذن ، كان باطلا لأنه كالمرهون بجنايته .
ولو كان أرش الجناية أقل من قيمته ، كان السيد في بيعه بالخيار بين أن يبيع منه بقدر الجناية ، ويكون باقيه مدبرا أو يبيع جميعه ، فيبطل التدبير في جميعه ؛ لأنه لما أجيز له بيعه من غير جناية ، كان في الجناية أجوز فإن ملكه السيد بعد بيعه بابتياع أو [ ص: 116 ] هبة ، أو ميراث فإن أجرى التدبير مجرى الوصايا لم يعد تدبيره بعوده إلى ملكه ، إلا أن يستأنف تدبيره كالوصايا ، وإن أجري مجرى العتق بالصفات ففي عوده إلى التدبير إذا عاد إلى ملكه قولان من اختلاف قوليه في المطلقة بصفة توجد في نكاح ثان هل تطلق بها ؟ على قولين . كذلك عود العتق بصفة توجد في ملك ثان على قولين . ولو ففي عتقه بموته قولان كعتق المرهون : مات سيد المدبر قبل فكاكه من جنايته
أحدهما : يعتق ، ويؤخذ من تركة السيد أقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته قولا واحدا ؛ لأن نفعه قد فات بعتقه .
والقول الثاني : لا يعتق قبل فدائه ، ويقوم ورثة السيد مقامه بين بيعه ، وبين فدائه ، فإن بيع ، بطل تدبيره ، ولا يعود إن عاد إلى ملك الورثة قولا واحدا ، وإن فدوه كان في قدر فدائه كالسيد قولان :
أحدهما : بأقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته .
والقول الثاني : بأرش جنايته ، وإن زادت على قيمته ، ويجري عتقه بعد فدائه بموت سيده .