[ ص: 126 ] باب وطء المدبرة وحكم ولدها
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ويطأ السيد مدبرته " .
وهذا صحيح . يجوز لسيد المدبرة أن يطأها لما رواه الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه دبر جاريتين له ، فكان يطؤهما وهما مدبرتان . ولأن أحكام الرق على المدبرة جارية ، فجرى عليها في حكم الاستمتاع مجرى الرق .
ولأنه مالك لمنافعها ، والاستمتاع من منافعها كالاستخدام ، ولأن سبب العتق في أم الولد أقوى منه في المدبرة ، ولم يمنع الإيلاد من الاستمتاع فكان التدبير أولى .
فإن قيل : فهلا كانت كالمكاتبة في منعه من الاستمتاع بها ، قيل : لوقوع الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن المكاتبة قد ملكت منافعها ، فلم يملك عليها بها والمدبرة بخلافها في المنافع ، فكانت بخلافها في الاستمتاع . الاستمتاع
والثاني : أن المكاتبة في حكم الخارجة عن ملكه ؛ لأنها تملك أرش ما جنى عليها ، والمدبرة باقية على ملكه ؛ لأنه المالك لأرش الجناية عليها . فلهذين المعنيين ما افترقا فجاز استمتاعه بالمدبرة ولم يجز استمتاعه بالمكاتبة .
فإذا صح جواز استمتاعه بالمدبرة لم يكن وطؤه رجوعا في التدبير ؛ لأنه مقوى بسبب العتق إن أولد فلم ينافه ، فإن أولدها صارت أم ولد يلزم عتقها بموته من صلب ماله ، بعد أن كان من ثلثه ، وبطلان بيعها بعد أن كان له بيعها . قال أبو حامد الإسفراييني : وقد بطل وليس هذا بصحيح ؛ لأنه قد طرأ على التدبير ما هو أغلظ ، فصار داخلا فيه ، وغير مبطل له كطروء الجناية على الحدث يدخل فيها ، ولا يرتفع بها . التدبير بالإيلاد