مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ولو ففيها قولان : أحدهما أن الكتابة باطلة لأنه ليس بإخراج له من ملكه تام ، فإن أدى جميع الكتابة عتق بكتابة فاسدة وتراجعا كما وصفت . والقول الآخر أنها جائزة فمتى عجز بيع عليه ( قال اشترى مسلما فكاتبه المزني ) القول الآخر أشبه بقوله لأنه ممنوع من النصراني بكتابته ، وعسى أن يؤدي فيعتق ، فإن عجز رق وبيع مكانه ، وفي تثبيته الكتابة إذا أسلم العبد ومولاه نصراني على ما قلت دليل ، وبالله التوفيق " .
قال الماوردي : أما إذا : اشترى النصراني عبدا مسلما ، ففي عقد الشراء قولان
[ ص: 256 ] أحدهما : باطل لا يثبت له عليه ملك ولا يجري عليه كتابة ، وإن كوتب لم يعتق فيها بالأداء لا على صحة ، ولا على فساد .
والقول الثاني : وهو مذهب أبي حنيفة أن الشراء صحيح لكن لا يقر على ملكه ، لئلا يثبت له عليه صغار ، ويؤخذ بإزالة ملكه عنه إما ببيع أو عتق ، الخيار إلى السيد في البيع أو العتق ، فإذا فعل أحدهما زال الاعتراض عنه ، وإن دبره ولم يعتقه لم يقر على تدبيره لما في التدبير من استدامة رقه مدة حياته ، وإن كاتبه ففي صحة الكتابة قولان :
أحدهما : وهو اختيار المزني أن الكتابة صحيحة لأمرين :
أحدهما : أنها قد رفعت عنه يد السيد ، فزال عنه الصغار .
والثاني : أنه لو أقر على الكتابة ، فكذلك إذا كان الإسلام قبل الكتابة . كاتبه في النصرانية ثم أسلم
والقول الثاني : أن الكتابة فاسدة لأمرين :
أحدهما : أن بقاء الرق وثبوت الحجر صغار ، والكتابة لا ترفع الرق ، ولا تمنع الحجر ، فلم تصح .
والثاني : أن رفع الصغار عن المسلم من حقوق الله تعالى لا من حقوق العبد المسلم ، لأن رضى العبد به غير مؤثر ، فلما لم يقر الصغار مؤبدا لم يقر إلى غاية .
فأما إذا كاتبه في النصرانية ثم أسلم العبد فإنما تقر الكتابة ، ولا يباع فيها ، لأنها عقدت في وقت الجواز ثم طرأ الإسلام على مكاتب لا يجوز بيعه ، فلذلك أقرت ، وإذا عقدت بعد الإسلام فقد عقدت على عبد وجب بيعه ، فلذلك بطلت ، ولكن لو كانت كتابته على القولين الماضيين للتعليل الذي ذكرناه توجيها ، وفرقا . أسلم العبد النصراني ثم كوتب
فصل : فإذا تقرر القولان ، فإن قلنا بصحة الكتابة روعي حالها ، فإن أداها المكاتب وعتق زال الاعتراض عن السيد ، وكان له الولاء ، وإن عجز ورق أخذ السيد حينئذ بإزالة ملكه عنه ببيع أو هبة أو عتق ، فإن لم يفعل واحدا منها بيع عليه جبرا ، ولم يعتق عليه ، لأنه ملك له ، فلا يستهلك عليه ، وإن قلنا بفساد الكتابة منع في الحال من إقراره على تملكه ، وأخذ بإزالة ملكه ، فإن تأخر المالك حتى أدى المكاتب كتابته عتق في كتابة فاسدة ، فيرجع السيد عليه بقيمته ، فيرجع المكاتب بما أدى من كتابته ، ويتقاصانه إن تجانسا ، والله أعلم .