[ ص: 266 ] جناية المكاتب على سيده
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإذا فله القصاص في الجرح ولوارثه القصاص في النفس أو الأرش فإن أدى ذلك فهو على كتابته وإن لم يؤد فلهم تعجيزه ولا دين لهم على عبدهم وبيع في جناية الأجنبي " . جنى المكاتب على سيده عمدا
قال الماوردي : وهذا صحيح ، ولجناية المكاتب على سيده حالتان :
إحداهما : أن تكون على طرف ، فالحق فيها مختص بالسيد ، فيراعى حالها ، فإن كانت خطأ أوجب المال ، وإن كانت عمدا ، فللسيد أن يقتص بها من مكاتبه لئلا يعود إلى مثلها عليه أو على غيره ، فإن اقتص منه بطرفه كانت الكتابة بعد القصاص بحالها قبله ، فإن عفا السيد عن القصاص إلى المال استحق أرش الجناية في كسب مكاتبه ، لا في رقبته ، لأن مالك الرقبة قبل جنايته بخلاف الأجنبي ، ويصير العمد فيها بعد العفو عن القصاص كالخطأ في وجوب الأرش ، فيؤخذ المكاتب بدفع الأرش معجلا ، وبمال الكتابة مؤجلا ، فإن اتسع كسبه لهما عتق بأدائها ، وإن ضاق عنهما أو عن أحدهما عجزه السيد به ليعيده عبدا ، سواء عجز عن مال الكتابة أو عن أرش الجناية ، ليحفظ بالتعجيز كل واحد من الحقين ، فإذا عاد بالتعجيز عبدا بطل ما عليه من مال الكتابة وأرش الجناية ، لأن السيد لا يثبت له في ذمة عبده ولا في رقبته مال ، بخلاف الأجنبي الذي يجوز أن يثبت له في ذمته مال عن معاملة ، وفي رقبته أرش جنايته .
والحال الثانية : أن تكون الجناية على نفس السيد ، فيكون الوارث مستحقها ، فإن كانت خطأ أوجبت الدية في كسب المكاتب ، وصار الوارث مستحقا لها ولمال الكتابة ، وإن كانت عمدا ، فله أن يقتص من نفسه ، فإذا اقتص فلا كتابة ، وإن عفا إلى الدية كانت كالجناية على الطرف في بقاء الكتابة ، وكالخطأ في وجوب الدية ، وصار الوارث مستحقا لها في كسب المكاتب دون رقبته يستحقها مع مال كتابته يعتق بأدائها ، ويسترق بالعجز عن أحدهما ، والله أعلم بالصواب .
[ ص: 267 ] باب جناية المكاتب ورقيقه