مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ولو جنى جناية أخرى ثم أدى فعتق ففيها قولان : أحدهما أن عليه الأقل من قيمة واحدة أو الجناية يشتركان فيها ، والآخر أن عليه لكل واحد منهما الأقل من قيمته أو الجناية ، وهكذا لو كانت جنايات كثيرة ( قال المزني ) قد قطع في هذا الباب بأن الجنايات متفرقة أو معا فسواء وهو عندي بالحق أولى " .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا لم يخل حال تكررها من أن يكون قبل الغرم أو بعده ، فإن تكررت بعد الغرم كأنه جنى جناية ، فغرمها بأقل الأمرين من قيمته أو أرشها ثم جنى جناية أخرى ، فإنه يضمنها مستأنفا بأقل الأمرين أيضا ، فيصير في كل واحدة من الجنايتين ضامنا لأقل الأمرين في حال الكتابة إن عتق بالأداء ، ويكون السيد ضامنا لذلك إن أعتقه بغير أداء ، وإن تكررت الجناية قبل الغرم كأنه جنى جناية ولم يغرم أرشها حتى جنى جناية أخرى ، ففي قدر ما يضمنه إن أدى فعتق أو يضمنه سيده إن كان هو المعتق قولان : تكررت جنايات المكاتب
أحدهما : أنه يلزم في كل واحدة من الجنايات أقل الأمرين من قيمة كاملة أو أرش الجناية ، لأن لكل جناية حكمها ، فلا تتداخل بعضها في بعض ، ويصير ذلك مفضيا إلى التزام قيمة كثيرة إذا كثرت جناياته .
والقول الثاني : أنه لا يغرم في جميع الجنايات ، وإن كثرت إلا أقل الأمرين من قيمة واحدة أو أروش الجنايات كلها ، ويتداخل بعضها في بعض ، لأنه لو بيع فيها بعد عجزه ورقه لم يكن لأرباب الجنايات وإن كثرت أكثر من ثمنه لتداخل بعضها في بعض ، كذلك في عتقه بكتابته أو بعتق سيده ، لكنه إن عتق بالأداء كان الضمان عليه ، وإن أعتقه السيد كان الضمان على سيده ، وإن عجز ورق كان على ما ذكرناه من اختلاف أصحابنا ، هل يعتبر بها الابتداء أو الانتهاء ؟ على وجهين :