[ ص: 314 ] كتاب الوقف
فيه بابان .
[ الباب ] الأول : في أركانه وشروطه ، وفيه طرفان :
[ الطرف ] الأول : في أركانه ، وهي أربعة :
[ الركن ] الأول : ، ويشترط كونه صحيح العبارة ، أهلا للتبرع . الواقف
الركن الثاني : ، وهو كل عين معينة مملوكة ملكا يقبل النقل يحصل منها فائدة أو منفعة تستأجر لها . احترزنا بالعين حق المنفعة ، وعن الوقف الملتزم في الذمة ، وبالمعينة ، عن وقف أحد عبديه ، وبالمملوكة ، عما لا يملك ، وبقبول النقل ، عن أم الولد والملاهي . وأردنا بالفائدة : الثمرة واللبن ونحوهما ، وبالمنفعة : السكنى واللبس ونحوهما . وقولنا : تستأجر لها ، احتراز من الطعام ونحوه . ونوضحه بمسائل : الموقوف
إحداها : يجوز ، سواء المقسوم والمشاع ، كنصف دار ونصف عبد ، ولا يسري الوقف من نصف إلى نصف . وقف العقار والمنقول ، كالعبيد ، والثياب ، والدواب ، والسلاح ، والمصاحف ، والكتب
فرع
وقف نصف عبد ، ثم أعتق النصف الآخر ، لم يعتق الموقوف . الثانية : يجوز [ ، وقف ] ما يراد لعين تستفاد منه ، كالأشجار للثمار ، والحيوان للبن والصوف والوبر والبيض [ ص: 315 ] . ولا يشترط حصول المنفعة والفائدة في الحال ، بل يجوز وما يراد لمنفعة تستوفى منه ، كالدار ، والأرض ، كما يجوز نكاح الرضيعة . وقف العبد والجحش الصغيرين ، والزمن الذي يرجى زوال زمانته
الثالثة : لا يصح ، لأن رقبته غير مملوكة ، وكذلك وقف الحر نفسه ، لا يصح وقفه إياها ، سواء ملك مؤقتا ، كالمستأجر ، أم مؤبدا ، كالموصى له بالمنفعة . مالك منافع الأموال دون رقابها
الرابعة : لا يصح على الأصح . فإن صححنا فمات السيد ، عتقت . قال وقف أم الولد المتولي : لا يبطل الوقف ، بل تبقى منافعها للموقوف عليه ، كما لو أجرها ومات . وقال الإمام : تبطل ، لأن الحرية تنافي الوقف ، بخلاف الإجارة ، وهذا مقتضى كلام ، ويجري الوجهان في صحة وقف المكاتب ، ويصح ابن كج . فإذا وجدت الصفة ، فإن قلنا : الملك في الوقف للواقف ، أو لله تعالى ، عتق وبطل الوقف . وإن قلنا : للموقوف عليه ، لم يعتق ويبقى الوقف بحاله . وقف المعلق عتقه بصفة
ويجوز ، ثم هو رجوع إن قلنا : التدبير وصية ، فإن قلنا : تعليق بصفة ، فهو كالمعلق عتقه . وقف المدبر
الخامسة : لا يصح على الأصح . وقيل : لا يصح قطعا ، لأنه غير مملوك . وقف الكلب المعلم
السادسة : في وجهان ، كإجارتهما ، إن جوزناها ، صح الوقف لتكرى ، ويصح وقف الحلي لغرض اللبس . وحكى الإمام أنهم ألحقوا الدراهم ليصاغ منها الحلي بوقف العبد الصغير ، وتردد هو فيه . وقف الدراهم والدنانير
السابعة : لا يصح ، لسرعة فسادها . وقف ما لا يدوم الانتفاع به ، كالمطعوم والرياحين المشمومة
الثامنة : ، لم يصح كما لو أعتق عبدا في الذمة . ولو وقف ثوبا أو عبدا في الذمة ، لم يصح على الصحيح كالبيع . وقيل : يصح كالعتق . وقف أحد عبديه
التاسعة : يجوز . وقف علو الدار دون سفلها
[ ص: 316 ] العاشرة : يصح ، بخلاف إجارته ، لأن الوقف قربة يحتمل فيها ما لا يحتمل في المعاوضات . الحادية عشرة : لا يصح وقف الفحل للضراب . وقف الملاهي
فرع
، صح على المذهب ، وبه قطع الشيخ أجر أرضه ثم وقفها أبو علي ، لأنه مملوك بشرائطه ، وليس فيه إلا العجز عن صرف منفعته إلى جهة الوقف في الحال ، وذلك لا يمنع الصحة ، كما لو . وفي فتاوى وقف ماله في يد الغاصب القفال : أنه على الخلاف في الوقف المنقطع الأول . وقيل : إن وقفه على المسجد صح ، لمشابهته الإعتاق ، وإن وقف على إنسان ، فخلاف .
فرع
، صح على الأصح . ولو استأجر أرضا ليبني فيها ، أو يغرس ، ففعل ، ثم وقف البناء والغراس ، صح بلا خلاف ، كما لو باعاه . وإذا قلنا بالصحة ، ومضت المدة ، وقلع مالك الأرض البناء ، فإن بقي منتفعا به بعد القلع ، فهو وقف كما كان . وقف هذا أرضه ، وهذا بناءه
وإن لم يبق ، فهل يصير ملكا للموقوف عليه ؟ أم يرجع إلى الواقف ؟ فيه وجهان ، وأرش النقص الذي يؤخذ من القالع ، يسلك به مسلك الوقف .
قلت : الأصح : صحة وقف ما لم يره ، ولا خيار له عند الرؤية . والله أعلم .