فصل
إذا ، فهم ضربان . أحدهما : أن يتمحضوا أجانب أو زوجات ، والثاني : أن يكونوا من الصنفين ، الأول : المتمحضون ، فإما أن يقذفهم بكلمات ، وإما بكلمة ، فهما حالان . قذف جماعة
الأول : أن يقذف كل واحد بكلمة ، فعليه لكل واحد حد ، وإن كن زوجات ، أفرد كل واحد بلعان ، ويكون اللعان على ترتيب قذفهن ، فلو لاعن عنهن لعانا واحدا ، لم يكف عن الجميع ، لكن ، إن سماهن ، حسب عن التي سماها أولا ، وإن أشار إليهن فقط ، لم يعتد به عن واحدة منهن .
الحال الثاني : أن يقذفهم بكلمة ، كقوله : زنيتم ، أو أنتم زناة ، فقولان . الجديد : أن لكل واحد حدا ، والقديم : لا يجب إلا حد واحد ، فعلى هذا ، إن حضر واحد وطلب الحد ، حد له ، وسقط حق الباقين .
ولو ، فهو قذف لأبوي المخاطب بكلمة ، ففيه القولان ، وإن قال : يابن الزانيين ، فالحد على القولين ، فإن أراد اللعان ، فإن [ ص: 347 ] قلنا : يتعدد الحد ؛ تعدد اللعان ، وإن قلنا : يتحد الحد ، ففي اللعان وجهان ، أصحهما : يتعدد ، لأن اللعان يمين ، والأيمان المتعلقة بحقوق جماعة لا تتداخل . والثاني : يكفي لعان يجمعهن فيه ، بالاسم أو بالإشارة إن اكتفينا بها ، وإذا قلنا بالتعدد ، فرضين بلعان واحد ، لم ينفع كما لو رضي المدعون بيمين واحدة ، ثم يلاعن عنهن على الترتيب الذي يتفقن عليه ، فإن تنازعن في الابتداء ، أقرع بينهن ، فإن قدم الحاكم واحدة ، قال قال لنسوته الأربع : زنيتن رضي الله عنه : رجوت أن لا يأثم . الشافعي
ونقل القاضي أبو الطيب أن ذلك فيما إذا لم يقصد تفضيل بعضهن ويجنب الميل ، وإن قلنا بالاتحاد ، فذلك إذا توافقن على الطلب ، أو لم نشترط طلبهن ، أما إذا شرطناه وانفرد بعضهن بالطلب ، فلاعن ، ثم طلب الباقيات ، احتاج إلى اللعان ، وحصل التعدد . وإذا لاعن عنهن ، لزمهن الحد ، فمن لاعنت ، سقط عنها الحد ، ومن امتنعت حدت ، وإذا امتنع من اللعان ، كفاه حد واحد على قولنا بالاتحاد ، وجميع ما ذكرناه هو فيمن قذف جماعة بكلمة ولم يقيد بزنا واحد . فإن قيد ، بأن ، فطريقان . أصحهما : طرد القولين في تعدد الحد واتحاده . والثاني : القطع بالاتحاد لأنه رماهما بفاحشة واحدة . قال لزوجته أو أجنبية : زنيت بفلان
الضرب الثاني : أن يكونوا من الصنفين ، بأن قذف زوجته وأجنبية ، نظر إن كان بكلمتين ، فعليه حدان ، فإن لاعن عن زوجته ، سقط حدها ، وبقي حد الأجنبية . ولو قال لزوجته : يا زانية بنت الزانية ، أو زنيت وزنت أمك ، فعليه حدان لهما ، فإن حضرتا معا وطلبتا الحدين ، فثلاثة أوجه . أصحهما وهو المنصوص : يبدأ بحد الأم ، لأن حقها أقوى ، فإنه لا يسقط باللعان . والثاني : يبدأ بالبنت لسبقها . والثالث : يقرع . ولو قال لأجنبية : يا زانية بنت الزانية ، قدمت البنت على الأصح . وقيل : يقرع . ولو قال لأم زوجته : يا زانية أم [ ص: 348 ] الزانية ، قدمت الأم على الأصح . وقيل : يقرع . ولو قذف زوجته وأجنبية بكلمة ، كقوله : زنيتما ، أو أنتما زانيتان ، ولم يلاعن للزوجة ، ففي تعدد الحد واتحاده طريقان . أصحهما : فيه القولان السابقان . والثاني : القطع بالتعدد لاختلافهما في الحكم ، فإن حد الزوجة يسقط باللعان دون الآخر ، فإن قلنا بالاتحاد ، فجاءت الأجنبية مطالبة ، فحد لها ، سقط الحد واللعان في الزوجة ، إلا أن يكون ولد يريد نفيه . وإن لاعن للزوجة ، حد للأجنبية ، وإن عفت إحداهما ، حد للأخرى إذا طلبت بلا خلاف ، ذكره البغوي وغيره . وحكي وجه شاذ ، أن قوله : يا زانية بنت الزانية ، كقوله : أنتما زانيتان ، ومتى وجد حدان لواحد أو جماعة وأقيم أحدهما ، أمهل إلى أن يبرأ جلده ، ثم يقام الثاني .
فصل
، فله في الجواب أحوال . ادعت أن زوجها قذفها
أحدها : أن تسكت فيقيم عليه بينة ، فله أن يلاعن ويقول في لعانه : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما أثبتت علي من رميي إياها بالزنا .
الحال الثاني : أن يقول في الجواب : لا يلزمني الحد ، فيقيم عليه بالبينة ، فله اللعان أيضا .
الثالث : أن ينكر القذف ، فيقيم عليه بينة ، ثم يريد اللعان ، فإن أول إنكاره ، وقال : أردت أن ما رميتها به ليس بقذف باطل ، بل هو صدق ، أو أنشأ في الحال قذفا آخر ، فله اللعان ، لأن من كرر القذف كفاه لعان واحد . وإن لم يذكر تأويلا ولا أنشأ ، فله اللعان أيضا على الصحيح ، وبه قال الأكثرون وهو ظاهر النص لاحتمال التأويل المذكور .
الرابع : أن يقول : ما قذفتك وما زنيت ، فإذا قامت بينة ، حد ولا لعان ، لأنه شهد بعفتها ، فكيف يحقق زناها بلعانه ؟ ! وليس له إقامة البينة على [ ص: 349 ] زناها والحالة هذه ، لأنه يكذب الشهود بقوله : وما زنيت . ولو أنشأ والحالة هذه قذفا ، فعن القاضي حسين إطلاق القول بجواز اللعان . قال الإمام : هذا محمول على ما إذا مضى بعد الدعوى والجواب زمن يمكن تقدير الزنا فيه ، وإلا فيؤاخذ بإقراره ببراءتها ، ولا يمكن من اللعان . وإذا لاعن ، ففي سقوط حد القذف الذي قامت به البينة وجهان ، ومقتضى كلام والغزالي في " الوجيز " : القطع بسقوطه . الغزالي
فرع
لو ، مكن ، وإذا لاعن ، سقط عنه ما بقي من الحد كما لو بدا له أن يقيم فيه البينة ، وكذا المرأة إذا امتنعت من اللعان ثم عادت إليه ، مكنت منه ، وسقط عنها ما بقي من الحد . ولو أقيم عليه الحد بتمامه ثم أراد اللعان ، فالمذهب أنه إن كان ولد منه ، لاعن لنفيه ، وإلا فلا . امتنع الزوج من اللعان فعرض الحد ، أو استوفى منه بعض الجلدات ، ثم بدا له أن يلاعن
فصل
، فقد أطلق قال لزوجته : زنيت وأنت صغيرة الغزالي والبغوي ، أن عليه التعزير ، وله إسقاطه باللعان على الصحيح ، وفصل الجمهور ، فقالوا : يؤمر ببيان الصغر ، فإن ذكر سنا لا يحتمل الوطء كثلاث سنين أو أربع ، فليس بقذف ويعزر للسب والإيذاء ، ولا لعان ، كما سبق أن مثل هذا لا لعان فيه . وإن ذكر سنا يحتمله ، كعشر سنين ، فهو قذف ، وعليه التعزير ، وله إسقاطه باللعان . ، فلا حد ، وعليه التعزير ، وله إسقاطه [ ص: 350 ] باللعان ، وإن عرف ولادتها على الإسلام والحرية وسلامة عقلها ، وجب الحد على الصحيح وقيل : التعزير ، لأنها إذا لم يكن لها تلك الحالة ، كان قوله كذبا ومحالا ، كقوله : زنيت وأنت رتقاء ، وإن لم يعلن حالها واختلفا ، فأيهما يصدق بيمينه ، قولان . أظهرهما : هي ، فإن نكلت ، حلف ، ووجب التعزير . والثاني : هو ، فإن نكل ، حلفت وحد ، ويجيء القولان فيما لو قال الزوج : أنت أمة في الحال ، فقالت : بل حرة ، ولا يجيئان فيما لو قال : أنت كافرة في الحال ، فقالت : بل مسلمة ، لأنها إذا قالت : أنا مسلمة حكم بإسلامها . ولو قالت : أردت بقولك لي : زنيت وأنت صغيرة قذفي في الحال ، ووصفي بالصغر في الحال ، ولم ترد القذف بزنا في الصغر ، أو قال : زنيت وأنت مجنونة أو كافرة ، فأقرت بتلك الحال ، وقالت : أردت القذف في الحال ، فعن الشيخ ولو قال : زنيت وأنت مجنونة ، أو مشركة ، أو أمة ، فإن عرفت لها هذه الأحوال ، أو ثبتت ببينة أو إقرار أبي حامد ، أن القول قولها ، واستبعده ابن الصباغ وغيره . ولو أطلق النسبة إلى الزنا ، ثم قال : أردت في الصغر أو الجنون ، أو الكفر ، أو الرق ، لم يقبل منه على المذهب ، وبه قطع الجمهور ، سواء عهد لها ذلك الحال أم لا . فإن قال : هي تعلم أني أردت هذا ، حلفت على نفي العلم ، وحد لها . وقال السرخسي : إن عهد تلك الحال ، قبل وعزر ، وإلا فقولان .