فصل
، كحد قذف وقصاص عضو وقصاص نفس ، فإن حضر المستحقون وطلبوا حقوقهم جميعا ، جلد ، ثم قطع ، ثم قتل ، ويبادر بالقتل بعد القطع ، ولا يبادر بالقطع بعد الجلد إن كان مستحق القتل غائبا ؛ لأنه قد يهلك بالموالاة فيفوت قصاصه ، وإن كان حاضرا وقال : عجلوا القطع وأنا أبادر بالقتل بعد القطع ، فوجهان ، أحدهما : يبادر ؛ لأن التأخير كان حقه وقد رضي بالتقديم . وأصحهما : المنع خوفا من هلاكه بالموالاة ، ورأى الإمام تخصيص الوجهين بمن خيف موته بالموالاة بحيث يتعذر قصاص النفس لانتهائه إلى حركة [ ص: 164 ] المذبوح ، ورأى الجزم بالمبادرة إذا أمكن استيفاء القصاص بعد القطع ، أما إذا لم يجتمعوا على الطلب ، فإن أخر مستحق النفس حقه ، جلد ، فإذا برأ ، قطع ، وإن أخر مستحق الطرف حقه ، جلد ، ويتعذر القتل لحق مستحق الطرف ، وعلى مستحق النفس الصبر حتى يستوفي مستحق الطرف حقه ، قال اجتمع عليه عقوبات آدميين : ولو مكن مستحق النفس من القتل ، وقيل لمستحق الطرف : بادر وإلا ضاع حقك لفوات محله ، لم يكن بعيدا ، ولو بادر مستحق النفس فقتله ، كان مستوفيا حقه ، ورجع مستحق الطرف إلى الدية ، ولو أخر مستحق الجلد حقه ، فقياس ما سبق أن يصبر الآخران ، وإذا الغزالي ، حد لكل واحد حدا ، ولا يوالى بل يمهل بعد كل حد حتى يبرأ ، هكذا ذكره اجتمع عليه حدود قذف لجماعة البغوي وغيره ، لكنه سبق في القصاص أنه يوالى بين قطع الأطراف قصاصا ، وقياسه أن يوالى بين الحدود ، وذكروا تفريعا على الأول الوجهين فيما لو وجب على عبد حدان لقذف شخصين ، هل يوالى ؟ أصحهما عند البغوي : لا ؛ لأنهما حدان ، والثاني : نعم ؛ لأنهما كحد حر ، قال الروياني : هذا أقرب إلى المذهب ، وأما ترتيب حدود القذف فينبغي أن يقال : إن قذفهم مرتبا ، حد للأول فالأول ، وإن قذفهم بكلمة وقلنا بالأظهر : إنه يتعدد الحد ، أقرع .
فرع
، بأن شرب وزنى وهو بكر ، وسرق ، ولزمه قتل بردة ، قدم الأخف فالأخف ، وتجب رعاية هذا الترتيب والإمهال سعيا في إقامة الجميع ، وأخفها حد الشرب ، ثم يمهل حتى يبرأ ، ثم يجلد للزنى ، ويمهل ، ثم يقطع ، فإذا لم يبق إلا القتل ، قتل ولم يمهل ، وحكى اجتمع عليه حدود لله تعالى أبو بكر الطوسي وجها : أنه إذا كان فيها قتل يوالى [ ص: 165 ] بلا إمهال ، والصحيح الأول ، وبه قطع الجمهور ، ولو اجتمع معها أخذ مال في محاربة ، قطعت يده ورجله بعد جلد الزنى ، وهل يوالى بين قطع اليد والرجل أم يؤخر قطع الرجل حتى تندمل اليد ؟ وجهان ، أحدهما : يؤخر ؛ لأن اليد مقطوعة عن السرقة ، والرجل عن المحاربة ولا يوالى بين حدين ، وأصحهما وهو المنصوص : يوالى ؛ لأن اليد تقع عن المحاربة والسرقة ، فصار كما لو انفردت المحاربة ، ولو ، بأن انضم إلى هذه العقوبات حد قذف ، قدم حد القذف على حد الزنى ، نص عليه ، واختلفوا لم قدم ؟ فقال اجتمعت عقوبات لله تعالى ولآدمي أبو إسحاق وجماعة : لأنه حق آدمي ، وقال : لأنه أخف ، والأول أصح عند الأصحاب ، وفيما يقدم من حد الشرب والقذف وجهان بناء على المعنيين ، ويجريان في حد الزنى وقصاص الطرف والإمهال بعد كل عقوبة إلى الاندمال على ما ذكرنا ، ولو كان الواجب بدل قتل الردة قتل قصاص ، فالقول في الترتيب والإمهال كذلك ، ولو ابن أبي هريرة وجهان ، أصحهما : الثاني . ولو كان الواجب قتل محاربة ، فهل يجب التفريق بين الحدود المقامة قبل القتل ؟ وجهان ، أحدهما : لا ؛ لأنه متحتم القتل ، فلا معنى للإمهال بخلاف قتل الردة والقصاص ، فإنه يتوقع الإسلام والعفو ، وأصحهما : نعم ؛ لأنه قد يموت بالموالاة ، فتفوت سائر الحدود ، ولو اجتمع الرجم للزنى وقتل قصاص ، فهل يقتل رجما بإذن الولي ليتأدى الحقان ، أم يسلم إلى الولي ليقتله قصاصا ؟ ، نظر إن سبق قتل المحاربة ، قتل حدا ، ويعدل صاحب القصاص إلى الدية ، وإن سبق قتل القصاص ، خير الولي فيه ، فإن عفا ، قتل وصلب للمحاربة ، وإن اقتص ، عدل لقتل المحاربة إلى الدية ، وهل يصلب ؟ فيه الخلاف المذكور فيما إذا مات المحارب قبل قتله ، ولو [ ص: 166 ] اجتمع قتل محاربة مع قصاص في غير محاربة ، فهل يقطع للسرقة ويقتل للمحاربة ، أم يقتصر على القتل والصلب ، ويندرج حد السرقة في حد المحاربة ؟ وجهان . سرق ثم قتل في المحاربة
فرع
من ، حد لها حدا واحدا ، وكذا لو سرق ، أو شرب مرارا ، وهل يقال : تجب حدود ثم تعود إلى حد واحد أم لا يجب إلا حد ، وتجعل الزنيات كالحركات في زنية واحدة ؟ ذكروا فيه احتمالين ، ولو زنى أو شرب فأقيم عليه الحد ، ثم زنى أو شرب ، أقيم عليه حد آخر ، فإن لم يبرأ من الأول ، أمهل حتى يبرأ ، ولو زنى مرارا وهو بكر ، دخل الباقي في الحد الثاني ، وإذا أقيم عليه بعض الحد فارتكب الجريمة ثانيا جلد ثانيا وكفاه تغريب واحد ، ولو زنى فجلد ، ثم زنى قبل التغريب ، جلد مائة وغرب ودخل في المائة الخمسون الباقية ، ولو جلد خمسين ، فزنى ثانيا وجهان ، أصحهما عند الإمام زنى وهو بكر ، ثم زنى قبل أن يحد وقد أحصن ، فهل يكتفى بالرجم ويدخل فيه الجلد أم يجمع بينهما ؟ : الأول ، وأصحهما عند والغزالي البغوي وغيره : الثاني ، لاختلاف العقوبتين ، وعلى هذا فهل يجلد مائة ويغرب عاما ثم يرجم ، أم يجلد ويرجم ، ويدخل التغريب في الرجم ؟ وجهان ، أصحهما : الثاني . ولو ، فإن كان بكرا ، جلد مائة وغرب عاما ، وإن كان محصنا ، جلد خمسين ، ثم رجم ، هكذا أطلقه زنى عبد ، فعتق قبل الحد ، وزنى ثانيا البغوي ، ويشبه أن يكون على الخلاف فيمن زنى وهو بكر ، ثم زنى وهو محصن . ولو ، ففي دخول الجلد في الرجم الوجهان ، قال زنى ذمي محصن ، ثم نقض العهد واسترق ، فزنى ثانيا البغوي : الأصح : المنع ، فيجلد خمسين ثم يرجم ، وإن قلنا : بتغريب العبد ، ففي اندراج التغريب في الرجم الوجهان .
[ ص: 167 ] فصل
ويشترط في الشهادة التفصيل وتعيين قاطع الطريق ومن قتله أو أخذ ماله ، وتقاس صوره بما سبق في الشهادة على السرقة ، ولو شهد اثنان من الرفقة ، نظر إن لم يتعرضا لقصد المشهود عليه نفسا ومالا ، قبلت شهادتهما ، وليس على القاضي أن يبحث عنهما هل هما من الرفقة أم لا ، فإن بحث ، فلهما أن لا يجيبا ، وإن لم يثبتا على الشهادة وإن قالا : قطع هذا وهؤلاء علينا الطريق ، فأخذوا مالنا ومال رفقتنا ، لم تقبل شهادتهما في حق أنفسهما ولا في حق غيرهما ، وقيل : في حق غيرهما قولان ، والمذهب الأول ؛ لأنهما صارا عدوين ، قال لا يثبت قطع الطريق إلا بشهادة رجلين الماسرجسي وغيره : لو شهد رجلان بوصية لهما فيها نصيب أو إشراف ، لم تقبل في شيء ، وإن قالا : نشهد بها سوى ما يتعلق بنا من المال والإشراف ، قبلت شهادتهما .
فصل
يحسم كما سبق في السارق ، ويجوز أن تحسم اليد ، ثم تقطع الرجل ، وأن تقطعا جميعا ، ثم تحسما ، قال موضع القطع من قاطع الطريق العبادي في " الرقم " : إن قلنا : إن قتل قاطع الطريق يراعى فيه معنى القصاص ، لزمه الكفارة ، وإن قلنا : حد محض ، فلا كفارة .