فرع
إذا كانت صلاة الخوف رباعية ، بأن كانت في الحضر ، أو أرادوا الإتمام في السفر ، فينبغي ، ثم هل الأفضل أن ينتظر الثانية في التشهد الأول ، أم في القيام الثالث ؟ فيه الخلاف المتقدم في المغرب . ويتشهد بكل طائفة بلا خلاف . فلو فرقهم أربع فرق ، وصلى بكل فرقة ركعة ، بأن صلى بالأولى ركعة ، ثم فارقته ، وصلت ثلاثا وسلمت ، وانتظر قائما فراغها وذهابها ومجيء الثانية ، ثم صلى بالثانية الثانية ، وانتظر جالسا في التشهد الأول ، أو قائما في الثالثة ، وأتموا لأنفسهم ، ثم صلى بالثالثة الثالثة ، وانتظروا في قيام الرابعة ، وأتموا لأنفسهم ، ثم صلى بالرابعة الرابعة ، وانتظرهم في التشهد ، فأتموا وسلم بهم ، ففي جوازه قولان . أظهرهما : الجواز ، فعلى هذا قال إمام الحرمين : شرطه الحاجة ، فإن لم تكن حاجة ، فهو كفعلهم في حال الاختيار . للإمام أن يفرقهم فرقتين ، ويصلي بكل طائفة ركعتين
وعلى هذا القول تكون الطائفة الرابعة ، كالثانية في ذات الركعتين ، فيعود الخلاف في أنهم يفارقونه قبل التشهد ، أو يتشهدون معه ، أو يقومون بعد سلام الإمام إلى ما عليهم ، وتتشهد الطائفة الثانية معه على الأصح . وعلى الثاني تفارقه قبل التشهد ، وعلى هذا القول تصح صلاة الإمام والطائفة الرابعة ، وفي الطوائف الثلاث القولان فيمن فارق الإمام بغير عذر . وأما إذا قلنا : لا يجوز ذلك ، فصلاة الإمام [ ص: 56 ] باطلة . قال جمهور الأصحاب : تبطل بالانتظار الواقع في الركعة الثالثة ، وهو ظاهر نص - رحمه الله - ، وقال الشافعي ابن سريج : بالواقع في الرابعة . فعلى قول الجمهور : وجهان . أحدهما : تبطل بمعنى الطائفة الثانية . والثاني : بمعنى قدر ركعة من انتظاره الثاني . وأما صلاة المأمومين ، فصلاة الطائفة الأولى والثانية صحيحة ، لأنهم فارقوه قبل بطلان صلاته ، وصلاة الرابعة باطلة ، إن علمت بطلان صلاة الإمام ، وإلا فلا . والثالثة كالرابعة على قول الجمهور ، وكالأولين على قول ابن سريج .
قلت : جزم الإمام الرافعي بصحة صلاة الطائفة الأولى والثانية على هذا القول ، وليس هو كذلك ، بل فيهما القولان فيمن فارق بغير عذر ، كما قلنا في الطوائف الثلاث على قول صحة صلاة الإمام . وهذا لا بد منه ، وصرح به جماعة من أصحابنا . وحكى وصاحب ( الشامل ) وآخرون وجها ضعيفا أن المبطل للطائفة الرابعة أن تعلم أنه انتظار رابع وإن جهلت كونه مبطلا . - والله أعلم - . القاضي أبو الطيب
ولو فرقهم في المغرب ثلاث فرق ، وصلى بكل فرقة ركعة ، وقلنا : لا يجوز ذلك ، فصلاة جميع الطوائف صحيحة عند ابن سريج . وأما عند الجمهور ، فتبطل الثالثة إن علموا بطلان صلاة الإمام . وإذا اختصرت الرباعية ، قلت : ففيها أربعة أقوال . أظهرها : صحة صلاة الإمام والقوم جميعا . والثاني : صحة صلاة الإمام ، والطائفة الرابعة فقط . والثالث : بطلان صلاة الإمام وصحة صلاة الطائفة الأولى والثانية . والفرق في حق الثالثة والرابعة بين أن يعلموا بطلان صلاة الإمام ، أم لا . والرابع : صحة الثالثة لا محالة ، والباقي ، كالقول الثالث وهو قول ابن سريج .
قلت : وقول خامس : وهو بطلان صلاة الجميع . ولو فرقهم فرقتين فصلى بفرقة ركعة ، بالثانية ثلاثا ، أو عكسه . قال أصحابنا : صحت صلاة الإمام وجميعهم بلا خلاف ، وكانت مكروهة ، ويسجد الإمام والطائفة الثانية سجود السهو ، للمخالفة [ ص: 57 ] بالانتظار في غير موضعه . هكذا صرح به أصحابنا . ونقله صاحب ( الشامل ) عن نص - رحمه الله - قال : وهذا يدل على أنه إذا فرقهم أربع فرق . وقلنا : لا تبطل صلاتهم ، فعليهم سجود السهو . وقال صاحب ( التتمة ) : لا خلاف في هذه الصورة أن الصلاة مكروهة ، لأن الشرع ورد بالتسوية بين الطائفتين قال : وهل تصح صلاة الإمام ، أم لا ؟ إن قلنا : إذا فرقهم أربع فرق تصح ، فهنا أولى ، وإلا ، فقد انتظر في غير موضعه ، فيكون كمن قنت في غير موضعه . قال : وأما المأمومون ، فعلى التفصيل فيما إذا فرقهم أربع فرق ، وهذا الذي قاله شاذ ، والصواب ما قدمناه عن نص الشافعي والأصحاب . - والله أعلم - . الشافعي
فرع
لو ، فالمذهب والمنصوص : أن لهم أن يصلوها على هيئة صلاة كان الخوف في بلد وحضرت صلاة الجمعة ذات الرقاع ، وقيل : في جوازها قولان . وقيل : وجهان . ثم للجواز شرطان . أحدهما : أن يخطب بجميعهم ، ثم يفرقهم فرقتين ، أو يخطب بفرقة ، ويجعل منها مع كل واحد من الفرقتين أربعين فصاعدا . فأما لو خطب بفرقة وصلى بأخرى ، فلا يجوز . والثاني أن تكون الفرقة الأولى أربعين فصاعدا ، فلو نقصت عن الأربعين ، لم تنعقد الجمعة . ولو نقصت الفرقة الثانية عن أربعين ، فطريقان . أحدهما : لا يضر . والثاني : أنه كالخلاف في الانفضاض .
قلت : الأصح : لا يضر ، وبه قطع البندنيجي . - والله أعلم - .
أما لو خطب بهم ، ثم أراد أن يصلي بهم صلاة عسفان ، فهي أولى بالجواز من صلاة ذات الرقاع . ولا تجوز كصلاة بطن نخل ، إذ لا تقام جمعة بعد جمعة .
[ ص: 58 ] فرع
صلاة ذات الرقاع أفضل من صلاة بطن نخل على الأصح ، لأنها أعدل بين الطائفتين ، ولأنها صحيحة بالاتفاق . وتلك صلاة مفترض خلف متنفل ، وفي صحته خلاف للعلماء . والثاني - وهو قول أبي إسحاق - : بطن النخل أفضل ، لتحصل لكل طائفة فضيلة الجماعة بالتمام .