فصل
كالهبة والإبراء والإنفاق على الأقارب ، والإقراض والقراض والبيع بمحاباة وبنسيئة ، وتعجيل [ ص: 281 ] المؤجل ونحوها ، إن جرت بإذن السيد ، فمنقول تبرعات المكاتب وتصرفاته المحظرة المزني والمنصوص في " الأم " صحتها .
ونقل الربيع قولا آخر بالمنع . ونص أن لا يجوز ، فقال الجمهور : في الجميع قولان . أظهرهما : الصحة . اختلاع المكاتب بالإذن
وقيل : يصح ما سوى الخلع قطعا ، ولا يصح هو . وعن ابن سلمة القطع بصحة الخلع أيضا . ولو ، فالمذهب أنه على الخلاف فيما إذا وهب لغيره بإذنه . وهب للسيد أو لابنه الصغير فقبل له السيد ، أو أقرضه ، أو باعه نسيئة أو بمحاباة أو عجل له دينا مؤجلا غير النجوم
وقيل : يصح قطعا ، واختاره الشيخ أبو محمد ؛ لأن للمكاتب أن يعجز نفسه ، فيجعل جميع ما في يده لسيده ، فجواز الهبة أولى .
ولو لم يكن له إقباضه . ولو وهب بإذن السيد ، فرجع عن الإذن قبل إقباض الموهوب ، ففي صحته القولان في الهبة ، فإن صححناه يكاتب عليه . اشترى قريبه بإذن السيد
وعن أبي إسحاق : القطع [ بالصحة ] ؛ لأنه قد يستفيد من أكسابه ، وفيه صلة الرحم .
ولو ، فهو كتبرعه بالإذن . ولو أعتق المكاتب عبده عن سيده ، أو عن غيره بإذنه ، لا يصح على المذهب ؛ لتضمنه الولاء ، والمكاتب ليس أهلا لثبوت الولاء له كالقن ، فإن صححناه ، أعتق عن نفسه بإذن السيد قولان . فلمن يكون ولاء العتيق ؟
أحدهما : للسيد ؛ لأن المكاتب ليس أهلا للولاء ، ووقف الولاء بعيد ، وأظهرهما : يوقف ؛ لأن الولاء لمن أعتق ، والسيد لم يعتق ، فإن عتق المكاتب كان له ، وإن مات رقيقا كان لسيده ، وإن عجزه ورق ، فحكى الإمام أنه يبقى التوقف ؛ لأنه يرجى عتقه من جهة أخرى .
والصحيح الذي قطع به الأصحاب أن يكون للسيد بلا توقف ؛ لانقطاع الكتابة ، فإن جعلنا الولاء للسيد ، فعتق المكاتب بعد ذلك ، ففي انجرار الولاء إليه وجهان ، حكاهما وصاحب " التقريب " أصحهما : المنع ، وكأن [ ص: 282 ] السيد أعتقه . أبو علي الطبري
وإن قلنا بالتوقف ، فمات العتيق قبل موت المكاتب وعوده إلى الرق ، فهل يوقف الميراث أيضا ، أم يكون للسيد ، أم لبيت المال ؟ أقوال .
أظهرها : الأول . ولو ، فهو كتنجيز العتق نص عليه في " المختصر " ، وقاله الأصحاب ، فيعود الطريقان في صحة الكتابة والقولان في الولاء تفريعا على الصحة كاتب المكاتب عبده بإذن السيد . وإن عتق الأول ثم الثاني ، فولاء الثاني للأول . إذا عتق المكاتب الثاني قبل الأول
وفي طريقان . نكاح المكاتب بإذن السيد
أحدهما : قولان ، كتبرعه ؛ لأنه يبذل المهر والنفقة لا في مقابلة مال .
والثاني . وهو المذهب عند الجمهور : القطع بالصحة ؛ لأنه إذا صح نكاح القن بالإذن ، فالمكاتب أولى ؛ لأنه أحسن حالا منه ؛ ولأنه يحتاج إليه للتحصين وغيره ، بخلاف الهبة ونحوها .
صحيح على الصحيح . وقال وتزويج المكاتبة بإذنها القفال : لا تزوج أصلا لضعف ملك السيد ونقصها ، فلا يؤثر إذنها .
ولو ، لم يصح على المذهب . ولو أذن السيد للمكاتب في التسري بجارية ، فقولان ولو أذن في التكفير بالإعتاق لم يجزئه على المذهب . أذن له في التكفير بالإطعام أو بالكسوة
فرع
، أو أوصى له به فقبل صح ، وملكه المكاتب . فإن رق المكاتب ، صار القريب للسيد ، وعتق عليه ولو اشترى بعضه ، أو اتهبه ، أو قبل الوصية به ، صح أيضا . وإذا رق ، عتق ذلك الشقص على السيد . اشترى المكاتب من يعتق على سيده
وهل يسري إلى الباقي ؟ إن كان السيد موسرا ، ينظر إن عجز المكاتب نفسه بغير اختيار السيد لم يسر كما لو ورث بعض قريبه ، وإن عجزه السيد ، فوجهان لأن المقصود فسخ الكتابة ، والملك يحصل قهرا . وفيه خلاف سبق . ولو اتهب [ ص: 283 ] العبد القن من يعتق على سيده بغير إذن بني على أن اتهابه بغير إذن السيد ، هل ينفذ ؟
إن قلنا : لا ، فلا كلام . وإن قلنا : نعم وهو الصحيح ، فإن خيف وجوب النفقة على السيد في الحال ، فإن اتهب زمنا والسيد موسر ، لم يصح قبوله [ لأن فيه ] إضرارا بالسيد .
وإن لم تجب النفقة في الحال ؛ لكون القريب كسوبا ، أو السيد فقيرا صح القبول ، وعتق الموهوب على السيد .
صح القبول على الأظهر ، ولا يسري ؛ لحصول الملك قهرا . ولو اتهب بعض من يعتق على السيد بغير إذنه ، وصححنا اتهابه بغير إذنه ، ولم يتعلق به لزوم النفقة
والثاني : لا يصح . قال الشيخ أبو علي : وخرج ابن سريج على هذين القولين ما إذا اشترى المريض أباه بألف لا يملك غيره ، وعليه دين مستغرق ففي قول : لا يصح الشراء ؛ لأنه لو صح لعتق ، وبطل حق الغرماء .
وفي الثاني : يصح ، ولا يعتق ويباع في ديونهم . وفي " الوسيط " وجه أنه يصح ، ويعتق ويسري ، ويجعل اختيار العبد كاختياره كما جعل قبوله كقبوله .
ولم أجد هذا الوجه في " النهاية " وإذا صححنا وجهان . اتهاب القن بغير إذن سيده دخل الموهوب في ملك السيد ، قهرا كما لو احتطب . وهل للسيد رده بعد قبول السيد ؟
أحدهما : نعم ؛ لأن تمليك الرشيد قهرا بعيد . وأصحهما : المنع ، كالملك بالاحتطاب ، فعلى الأول هل ينقطع ملكه من وقت الرد ، أم يتبين أنه لم يدخل في ملكه ؟ وجهان وفائدتهما ، لو كان الموهوب عبدا ، ووقع هلال شوال بين قبول العبد ورد السيد في الفطرة .