[ ص: 107 ] فصل
إذا لا يقرب طيبا ، ولا يؤخذ شعره وظفره ، ولا يلبس الرجل مخيطا ، ولا يستر رأسه ، ولا وجه المرأة . ولا بأس بالتخمير عند غسله ، كما لا بأس بجلوس المحرم عند العطار ، ولو ماتت معتدة محدة ، جاز تطييبها على الأصح . مات المحرم
قلت : قال أصحابنا : فلو طيب المحرم إنسان ، أو ألبسه مخيطا ، عصى ولا فدية ، كما لو قطع عضوا من ميت . - والله أعلم - .
فصل
قولان . القديم : لا يفعل ، كما لا يختن . والجديد : يفعل . والقولان في الكراهة ، ولا خلاف أن هذه الأمور لا تستحب . غير المحرم من الموتى ، هل يقلم ظفره ، ويؤخذ شعر إبطه ، وعانته ، وشاربه ؟
قلت : قلد الإمام الرافعي الروياني في قوله : لا تستحب بلا خلاف ، وإنما الخلاف في إثبات الكراهة وعدمها . وكذا قاله أيضا الشيخ أبو حامد ، والمحاملي ، ولكن صرح الأكثرون ، أو الكثيرون بخلافه ، فقالوا : الجديد : أنه يستحب . والقديم : يكره . ممن صرح بهذا ، صاحب ( الحاوي ) والقاضي أبو الطيب ، في ( الوسيط ) وغيرهم . وقطع والغزالي أبو العباس الجرجاني بالاستحباب ، وقال صاحب ( الحاوي ) : القول الجديد : أنه مستحب ، وتركه مكروه . وعجب عن الرافعي كيف يقول ما قال ، وهذه الكتب مشهورة ، لا سيما ( الوسيط ) . وأما الأصح من القولين ، فقال جماعة : القديم هنا أصح ، وهو المختار ، فلم ينقل [ ص: 108 ] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والصحابة فيه شيء معتمد ، وأجزاء الميت محترمة ، فلا تنتهك بهذا . وأما قوله : كما لا يختن ، فهذا هو المذهب الذي قطع به الجمهور . وفيه وجه : أنه يختن . ووجه ثالث : يختن البالغ دون الصبي . - والله أعلم - .
فإذا قلنا بالجديد ، يخير الغاسل في شعر الإبطين والعانة بين الأخذ بالموسى أو بالنورة ، وقيل : تتعين النورة في العانة .
قلت : المذهب : أنه مخير في الجميع ، فأما الشارب فيقصه كالحياة . قال المحاملي وغيره : يكره حلقه في الحي والميت . قال أصحابنا : ويفعل هذه الأمور قبل الغسل . ممن صرح به المحاملي ، وصاحب ( الشامل ) وغيرهما ، ولم يتعرض الجمهور لدفن هذه الأجزاء معه . وقال صاحب ( العدة ) : ما يأخذه منها ، يصر في كفنه . ووافقه القاضي حسين ، وصاحب ( التهذيب ) في الشعر المنتتف في تسريح الرأس واللحية كما تقدم ، وقال به غيرهم . وقال صاحب ( الحاوي ) : الاختيار عندنا : أنه لا يدفن معه ، إذ لا أصل له . - والله أعلم - .
ولا يحلق رأسه بحال ، وقيل : إن كان له عادة بحلقه ، ففيه الخلاف كالشارب ، وجميع ما ذكرناه في صفة الغسل ، هو في غير الشهيد ، وسيأتي حكم الشهيد - إن شاء الله تعالى - .
فرع
لو ، لم يغسل ، بل ييمم ، ولو كان به قروح ، وخيف عليه من غسله تسارع البلى إليه بعد الدفن ، غسل ، فالجميع صائرون إلى البلى . تحرق مسلم ، بحيث لو غسل لتهرأ
قلت : يجوز بلا كراهة . للجنب والحائض غسل الميت . وإذا ولو ماتا غسلا غسلا [ ص: 109 ] واحدا ، استحب أن يتحدث به ، وإن رأى ما يكره ، حرم عليه ذكره إلا لمصلحة ، وإذا كان للميتة شعر ، فالسنة أن يجعل ثلاث ذوائب ، وتلقى خلفها ، رأى الغاسل من الميت ما يعجبه . ولو كان له زوجتان أو أكثر ، وتنازعن في غسله ، أقرع بينهن . ولو مات له زوجات في وقت بهدم ، أو غرق ، أو غيره ، أقرع بينهن ، فقدم من خرجت قرعتها . قال وينبغي أن يكون الغاسل مأمونا الدارمي : قال - رحمه الله - : لو الشافعي ، أمرت الكفار بغسله ، وصلين عليه . وهذا تفريع على صحة غسل الكافر . قال مات رجل وهناك نساء مسلمات ، ورجال كفار الدارمي : وإذا نشف المغسول بثوب ، قال أبو إسحاق : لا ينجس الثوب ، سواء قلنا بنجاسة الميت ، أم لا . قال الدارمي : وفيه نظر . - والله أعلم - .