فصل
إذا ، ففي كيفية إخراج زكاتها قولان . أحدهما : يلزمه عند تمام السنة الأولى زكاة جميع المائة ؛ لأن ملكه تام ، وهذا هو الراجح عند صاحبي المهذب و " الشامل " ، والثاني : وهو الراجح عند الجمهور : لا يلزمه عند تمام كل سنة إلا زكاة القدر الذي استقر ملكه عليه ، فإذا قلنا بالثاني ، أخرج عند تمام السنة الأولى زكاة ربع المائة ، وهو خمسة أثمان دينار ، فإذا مضت السنة الثانية فقد استقر ملكه على خمسين دينارا سنتين ، فعليه زكاتها للسنتين ، وهي ديناران ونصف ، لكنه أخرج في السنة الأولى خمسة [ ص: 203 ] أثمان دينار ، فيسقط ويجب الباقي ، وهو دينار وسبعة أثمان ، فإذا مضت السنة الثالثة ، استقر ملكه على خمسة وسبعين دينارا ثلاث سنين ، وزكاتها فيها خمسة دنانير وخمسة أثمان دينار ، أخرج منها في السنتين دينارين ونصفا ، فيخرج الباقي ، فإذا مضت الرابعة ، استقر ملكه على المائة أربع سنين ، وزكاتها فيها عشرة دنانير ، أخرج منها خمسة وخمسة أثمان ، فيخرج الباقي ، هذا إذا أخرج من غير المائة ، فإن أخرج منها واجب السنة الأولى ، فعند تمام الثانية يخرج زكاة الخمسة والعشرين الأولى سوى ما أخرج في السنة الأولى ، وزكاة خمسة وعشرين أخرى لسنتين ، وعند الثالثة والرابعة يقاس بما ذكرناه ، وأما إذا قلنا بالقول الأول ، فإنه يخرج عند تمام السنة الأولى زكاة المائة ، وكذلك كل سنة إن أخرج من غيرها ، فإن أخرج من عينها ، زكى كل سنة ما بقي . واختلف العراقيون في هذين القولين ، فقال أجر دارا أربع سنين بمائة دينار معجلة وقبضها وطائفة : هما في نفس الوجوب ، وقال القاضي أبو الطيب أبو حامد وشيعته : الوجوب ثابت قطعا ، وإنما القولان في كيفية الإخراج ، وهذا مقتضى كلام الأكثرين .
وصورة المسألة : إذا كانت أجرة السنتين متساوية ، فإن تفاوتت ، زاد القدر المستقر في بعض السنتين على ربع المائة ، ونقص في بعضها ، فإن قيل : هل صورة المسألة فيما إذا كانت المائة في الذمة ثم نقدها ، أو فيما إذا كانت الإجارة بمائة معينة ، أم لا فرق ؟
الجواب ، أن كلام نقلة المذهب يشمل الحالتين ، ولم أر فيها نصا وتفصيلا إلا في فتاوى القاضي حسين ، فإنه قال في الحالة الأولى : الظاهر أنه يجب زكاة كل المائة ، إذا حال الحول ؛ لأن ملكه مستقر على ما أخذ ، حتى لو انهدمت الدار ، لا يلزمه رد المقبوض ، بل له رد مثله ، وفي الحالة الثانية ، قال : حكم الزكاة حكم المبيع قبل القبض ؛ لأنه معرض لأن يعود إلى المستأجر بانفساخ الإجارة ، وبالجملة الصورة الثانية أحق بالخلاف من الأولى ، وما ذكره القاضي اختيار للوجوب في الحالتين جميعا .
[ ص: 204 ] فرع
إذا ؟ فيه القولان في الأجرة ؛ لأن الثمن قبل قبض المبيع غير مستقر ، وخرجوا على القولين أيضا إذا ما أسلم نصابا في ثمرة أو غيرها ، وحال الحول قبل قبض المسلم فيه ، وقلنا : إن تعذر المسلم فيه يوجب انفساخ العقد ، وإن قلنا : يوجب الخيار ، فعليه إخراج الزكاة قطعا . باع شيئا بنصاب من النقد وقبضه ، ولم يقبض المشتري المبيع حتى حال الحول ، فهل يجب على البائع إخراج الزكاة
فرع
، إن قلنا : الملك في الوصية يحصل بالموت ، فعلى الموصى له الزكاة ، ولا يضر كونه يرتد برده ، وإن قلنا : يحصل بالقبول ، فلا زكاة عليه . ثم إن أبقيناه على ملك الموصي ، فلا زكاة على أحد ، وإن قلنا : إنه للوارث فهل تلزمه الزكاة ؟ وجهان ، أصحهما : لا ، وإن قلنا : موقوف ، فقبل ، بان أنه ملكه بالموت ، ولا زكاة عليه على الأصح ؛ لعدم استقرار ملكه . أوصى لإنسان بنصاب ومات الموصي ، ومضى حول من وقت موته قبل القبول