فصل 
في الإمساك تشبها بالصائمين    . 
وهو من خواص رمضان ، كالكفارة ، فلا إمساك على متعد بالفطر في نذر أو قضاء . ثم من أمسك تشبها ، ليس في صوم ، بخلاف المحرم إذا أفسد إحرامه ، ويظهر أثره في أن المحرم لو ارتكب محظورا ، لزمه الفدية ، ولو ارتكب الممسك محظورا ، لا شيء عليه سوى الإثم . 
ثم الإمساك يجب على كل متعد بالفطر في رمضان ، سواء أكل أو ارتد ، أو نوى الخروج من الصوم وقلنا : يخرج . ويجب على من نسي النية من الليل . 
فرع 
لو أقام المسافر أو برئ المريض اللذان يباح لهما الفطر في أثناء النهار  ، فلهما ثلاثة أحوال . 
أحدها : أن يصبحا صائمين وداما عليه إلى زوال العذر ، فقد تقدم في الفصل السابق أن المذهب : لزوم إتمام الصوم . 
 [ ص: 372 ] الثاني : أن يزول بعدما أفطرا ، فلا يجب الإمساك ، لكن يستحب . فإن أكلا ، أخفياه لئلا يتعرضا للتهمة وعقوبة السلطان ، ولهما الجماع بعد زوال العذر إذا لم تكن المرأة صائمة ، بأن كانت صغيرة ، أو طهرت من الحيض ذلك اليوم . 
وحكى صاحب " الحاوي " وجهين ، في أن المريض إذا أفطر ، ثم برئ ، هل يلزمه الإمساك ؟ قال : أوجبه البغداديون دون البصريين . والمذهب : ما قدمنا . 
الثالث : أن يصبحا غير ناويين ، ويزول العذر قبل أن يأكلا ، فإن قلنا في الحال الأول : يجوز الأكل ، فهنا أولى ، وإلا ، ففي لزوم الإمساك وجهان . الأصح : لا يلزم . 
فرع 
إذا أصبح يوم الشك مفطرا ، ثم ثبت أنه من رمضان  ، فقضاؤه واجب ، ويجب إمساكه على الأظهر . 
قال في " التتمة " : القولان ، فيما إذا بان أنه من رمضان قبل الأكل ، فإن بان بعده ، فإن قلنا : هناك لا يجب الإمساك ، فهنا أولى ، وإلا ، فوجهان . أصحهما : الوجوب . 
فرع 
إذا بلغ صبي ، أو أفاق مجنون ، أو أسلم كافر ، في أثناء يوم من رمضان ، فهل يلزمهم إمساك بقية النهار ؟ فيه أوجه . 
أصحها : لا ، والثاني : نعم ، والثالث : يلزم الكافر دونهما ، لتقصيره ، والرابع : يلزم الكافر والصبي ، لتقصيرهما دون المجنون . وهل يلزمهم قضاء اليوم الذي زال العذر في أثنائه ؟ . 
أما الصبي فينظر ، إن بلغ صائما  ، فالصحيح : أنه يلزمه إتمامه ولا قضاء .   [ ص: 373 ] فلو جامع بعد البلوغ فيه ، لزمته الكفارة . وفيه وجه حكي عن  ابن سريج     : أنه يستحب إتمامه ، ويجب القضاء ، لأنه لم ينو الفرض . 
وإن أصبح مفطرا ، فوجهان . وقيل : قولان . أصحهما : لا قضاء ، لعدم تمكنه ، والثاني : يلزمه القضاء ، كمن أدرك جزءا من وقت الصلاة . 
وأما المجنون إذا أفاق  ، والكافر إذا أسلم  ، فالمذهب : أنهما كالصبي المفطر ، فلا قضاء على الأصح . 
وقيل : يقضي الكافر دون المجنون ، وصححه صاحب " التهذيب " . قال الأصحاب : الخلاف في القضاء في هؤلاء الثلاثة ، متعلق بالخلاف في إمساكهم تشبها . ثم اختلفوا في كيفية تعلقه ، فقال  الصيدلاني     : من أوجب التشبه ، لم يوجب القضاء ، ومن يوجب القضاء ، لا يوجب التشبه . 
وقال غيره : من أوجب القضاء ، أوجب الإمساك ، ومن لا ، فلا . وقال آخرون : من أوجب الإمساك ، أوجب القضاء ، ومن لا ، فلا . 
فرع 
الحائض والنفساء ، إذا طهرتا في أثناء النهار  ، المذهب : أنه لا يلزمهما الإمساك . ونقل الإمام الاتفاق عليه . وحكى صاحب " المعتمد " : طرد الخلاف فيهما . 
				
						
						
