الركن الثالث : الصيغة ، فيعتبر ، اعتبارهما في البيع ، والخلاف في المعاطاة والاستيجاب والإيجاب عائد كله هنا . الإيجاب والقبول
فرع
الرهن قسمان . أحدهما : مشروط في عقد ، كمن ، أو الأجرة ، أو المسلم فيه ، أو الصداق . والقسم [ ص: 58 ] الثاني : ما لم يشرط ، ويسمى : رهن التبرع ، والرهن المبتدأ . فالأول ، كبعتك داري بكذا على أن ترهنني به عبدك ، فقال : اشتريت ورهنت ، وقد ذكرنا خلافا في أنه يتم الرهن بهذا ، أم لا بد من قوله بعده : ارتهنت . فعلى الأول يقوم الشرط مقام القبول ، كما يقوم الاستيجاب مقامه ، وحكي وجه : أنهما إذا شرطا الرهن في نفس البيع ، صار مرهونا من غير استئناف رهن ، ويقام التشارط مقام الإيجاب والقبول . باع ، أو أجر ، أو أسلم ، أو زوج بشرط الرهن بالثمن
فرع
ضربان . أحدهما : شرط يقتضيه ، فلا يضر ذكره في رهن التبرع ، ولا في الرهن المشروط في عقد ، كقوله : رهنتك على أن تباع في دينك ، أو لا تباع إلا بإذنك ، أو يتقدم به على الغرماء . والثاني : ما لا يقتضيه ، وهو إما متعلق بمصلحة العقد ، كالإشهاد ، وإما لا غرض فيه ، كقوله : بشرط أن لا يأكل إلا الهريسة ، وحكمهما كما سبق في كتاب البيع . وأما غيرهما ، وهو نوعان . أحدهما ينفع المرتهن ويضر الراهن ، كشرط المنافع أو الزوائد للمرتهن ، فالشرط باطل ، فإن كان رهن تبرع ، بطل الرهن أيضا على الأظهر ، وإن كان مشروطا في بيع ، نظر ، إن لم يجر جهالة الثمن ، بأن الشرط في الرهن ، فسد الرهن على الأظهر . وفي فساد البيع القولان فيما إذا شرط عقدا فاسدا في بيع ، فإن صححنا البيع ، فللبائع الخيار ، صح الرهن أم فسد ؛ لأنه وإن صح لم يسلم له الشرط ، وإن جر جهالة ، بأن شرط في البيع رهنا على أنه يبقى بعد قضاء الدين محبوسا شهرا ، فالبيع باطل على المذهب . وقيل : هو الذي لا يجر جهالة ، ثم البطلان فيما إذا أطلق المنفعة . فلو قيدها فقال : ويكون منفعتها لي سنة مثلا ، فهذا جمع بين بيع وإجارة في صفقة ، وفيه خلاف سبق . شرط في البيع رهنا تكون منافعه للمرتهن
[ ص: 59 ] النوع الثاني : ينفع الراهن ويضر المرتهن ، ، أو لا يباع إلا بعد المحل بشهر أو بأكثر من ثمن المثل ، أو برضاي ، فالرهن باطل ، كذا قطع به الأصحاب . وعن كرهنتك بشرط أن لا يباع في الدين : أنه قال : يجيء في فساده القولان ، وهو غريب . والصواب الأول ، فلو كان مشروطا في بيع ، عاد القولان في فساده بفساد الرهن ، فإن لم يفسد ، فللبائع الخيار . ابن خيران
فرع
، فلو زوائد المرهون غير مرهونة لم يصح الشرط على الأظهر . وقيل : قطعا ؛ لأنه مجهول معدوم ، فإن صححنا ، ففي رهن شجرة أو شاة بشرط أن تحدث الثمرة أو الولد مرهونا وجهان . أصحهما : المنع ؛ لأنها ليست من أجزاء الأصل . وإن أفسدنا ، ففي صحة الرهن قولان . فإن كان شرطا في بيع ، وصححنا الشرط ، أو أبطلناه وصححنا الرهن ، صح البيع ، وللبائع الخيار ، وإلا ففي صحة البيع قولان . وإذا اختصرت قلت : فيه أربعة أقوال . أحدها : بطلان الجميع . والثاني : صحة الجميع . والثالث : صحة البيع فقط . والرابع : صحته مع الرهن دون الشرط . إكساب العبد إذا شرط كونها مرهونة
قلت : هذا الرابع ، هو المنصوص ، كذا قاله في الشامل . والله أعلم .
فرع
، فالقرض باطل . فلو [ ص: 60 ] شرط كون المنافع مرهونة ، فالشرط باطل ، والقرض صحيح ; لأنه لا يجر نفعا وفي صحة الرهن القولان . أقرضه بشرط أن يرهن به شيئا يكون منافعه للمقرض
فرع
لو ، فالقرض فاسد . ولو قال المستقرض : أقرضني ألفا على أن أرهنه ، وبالألف القديم ، أو بالقديم فقط كذا ، فالأصح فساد القرض . لو قال : أقرضتك هذا الألف بشرط أن ترهن به ، وبالألف الذي لي عليك كذا أو بذلك الألف وحده رهنا ، بطل البيع كما سبق . فلو باع بشرط أن يرهن بالثمن والدين ، أو بالدين ، فإن علم فساد الشرط ، نظر ، إن رهن بالألف القديم ، صح ، وإن رهن بهما لم يصح بالألف الذي فسد قرضه ؛ لأنه لم يملكه ، وإنما هو مضمون في يده ، والأعيان لا يرهن بها . وفي صحته في الألف القديم قولا تفريق الصفقة . فإن صح لم يوزع ، بل كله مرهون بالألف القديم ؛ لأن وضع الرهن على وثيق كل بعض من رهن المستقرض ، أو المشتري كما شرط
[ أبعاض ] الدين بجميع المرهون . فلو تلف الألف الذي فسد قبضه في يده ، صار دينا في ذمته ، وصح الرهن بالألفين حينئذ . وإن ظن صحته ، فإن رهن بالقديم ، فوجهان . قال القاضي : لا يصح ، وقال الشيخ أبو محمد وغيره : يصح .
قلت : قول الشيخ أبي محمد ، هو الأصح ، واختاره الإمام ، في البسيط وزيف الإمام قول القاضي . والله أعلم . والغزالي
ولو رهن بالألفين وقلنا : الصفقة تفرق ، فصحته بالألف القديم على هذا الخلاف . وكذا لو باع بشرط بيع آخر ، فأنشأه ظانا صحة العقد ، وقد سبقت هذه الصورة في بابها .
[ ص: 61 ]