الثانية : يخرج الكفيل عن العهدة بتسليمه في المكان الذي وجب فيه التسليم ، [ ص: 257 ] سواء طلبه المستحق أم أباه ، بشرط أن لا يكون هناك حائل كيد سلطان ، ومتغلب ، وحبس بغير حق ينتفع بتسليمه . وحبس الحاكم بالحق ، لا يمنع صحة التسليم ، لإمكان إحضاره ومطالبته بالحق . ولو حضر المكفول به وقال : سلمت نفسي إليك عن جهة الكفيل ، برئ الكفيل كما يبرأ الضامن بأداء الأصيل الدين . ولو لم يسلم نفسه عن جهة الكفيل ، لم يبرأ الكفيل لأنه لم يسلمه إليه هو ، ولا أحد عن جهته ، حتى قال القاضي حسين : لو ظفر به المكفول له في مجلس الحكم وادعى عليه ، لم يبرأ الكفيل . وكذلك لو سلمه أجنبي ، لا عن جهة الكفيل . وإن سلمه عن جهة الكفيل ، فإن كان بإذنه ، فهو كما لو سلمه الكفيل . وإن كان بغير إذنه ، فليس على المكفول به قبوله ، لكن لو قبل : برئ الكفيل . ولو كفل رجل لرجلين ، فسلم إلى أحدهما ، لم يبرأ من حق الآخر . ولو كفل رجلان لرجل ، فسلم أحدهما ، قال في " التهذيب " : إن كفلاه على الترتيب ، وقع تسليمه عن المسلم دون صاحبه ، سواء قال : سلمت عن صاحبي أم لم يقل . وإن كفلاه معا ، فوجهان . قال المزني : يبرأ أيضا صاحبه ، كما لو دفع أحد الضامنين الدين . وقال ابن سريج والأكثرون : لا يبرأ ، كما لو كان بالدين رهنان ، فانفك أحدهما ، لا ينفك الآخر ، ويخالف قضاء الدين ، فإنه يبرئ الأصيل ، وإذا برئ ، برئ كل ضامن . ولو كانت المسألة بحالها ، وكفل كل واحد من الكفيلين بدن صاحبه ، ثم أحضر أحدهما المكفول به وسلمه ، فعلى قول المزني : يبرأ كل واحد عن الكفالة الأولى وعن كفالة صاحبه . وعلى قول ابن سريج : يبرأ المسلم عن الكفالتين ، ويبرأ صاحبه عن كفالته دون الكفالة الأولى .
الثالثة : كما يخرج الكفيل عن العهدة بالتسليم ، يبرأ أيضا إذا أبرأه المكفول له . ولو قال المكفول له : لا حق لي قبل المكفول به أو عليه ، فوجهان .
[ ص: 258 ] أحدهما : يبرأ الأصيل والكفيل . والثاني : يرجع . فإن فسر بنفي الدين ، فذاك . وإن فسر بنفي الوديعة والشركة ونحوهما ، قبل قوله ، فإن كذباه ، حلف .