( الثاني : اللوث  ، وهو العداوة الظاهرة ولو مع سيد عبد ) قال في الرعاية : وعصبة مقتول ( كنحو ما كان بين الأنصار  وأهل خيبر  ،   [ ص: 33 ] وكما بين القبائل التي يطلب بعضها بعضا بثأر في ظاهر المذهب ) وكما بين البغاة وأهل العدل ، وبين الشرطة واللصوص على الأشهر ، لأن مقتضى الدليل أن لا تشرع القسامة ، ترك العمل به في العداوة الظاهرة ، ونقل علي بن سعيد    : أو عصبية للخبر ، وظاهره : أنه لا يشترط مع العداوة ألا يكون في الموضع الذي به العدو ، نص عليه ، وهو ظاهر الخرقي  ، ونصره المؤلف ، لأنه عليه السلام لم يسأل الأنصار    : هل كان بخيبر  غير اليهود  أم لا ؛ مع أن الظاهر وجود غيرهم فيها ، لأنها كانت أملاكا للمسلمين يقصدونها لأخذ غلال أملاكهم ، وشرطه القاضي ، لأن الأنصاري قتل في خيبر  ، ولم يكن بها إلا اليهود  ، وهم أعداء ، ثم ناقض قوله بأن قال : في قوم ازدحموا في مضيق وتفرقوا عن قتيل ، فقال : إن كان في القوم من بينه وبينه عداوة وأمكن أن يكون هو قتله فهو لوث ، فجعل العداوة لوثا مع وجود غير العدو ( وعنه : ما يدل على أنه يغلب على الظن صحة الدعوى به  كتفرق جماعة عن قتيل  ، ووجود قتيل عند من معه سيف ملطخ بدم  ، وشهادة جماعة ممن لا يثبت القتل بشهادتهم ، كالنساء والصبيان    ) ويعتبر مجيئهم متفرقين لئلا يتطرق إليهم التواطؤ على الكذب ( ونحو ذلك ) كشهادة عدل واحد ، اختارهأبو محمد الجوزي  وابن تقي الدين  ، لأنه يغلب على الظن صدق المدعي ، أشبهت العداوة ، ورد بأن هذا ليس بلوث لقوله في الذي قتل في الزحام يوم الجمعة : ديته في بيت المال ، وقال فيمن وجد مقتولا في المسجد الحرام    : ينظر من كان بينه وبينه في حياته عداوة ، لأن اللوث إنما يثبت بالعداوة ، لقضية الأنصاري ، ولا يجوز القياس عليها لأن الحكم يثبت   [ ص: 34 ] بالمظنة ولا يقاس في المظان ، لأن الحكم إنما يتعدى بتعدي سببه ، والقياس في المظان جمع بمجرد الحكمة وغلبة الظنون . 
فرع : إذا شهدا أنه قتل أحد هذين القتيلين  لم تثبت الشهادة ولم يكن لوثا بغير خلاف علمناه ، وإن شهدا أن هذا القتيل قتله أحد هذين  ، أو شهد أحدهما أن هذا قتله وشهد الآخر أنه أقر بقتله  ، أو شهد أحدهما أنه قتله بسيف وشهد الآخر أنه قتله بسكين  لم تكمل الشهادة ولم يكن لوثا ، اختاره القاضي ، لكن المنصوص أنه إذا شهد أحدهما بقتله والآخر بالإقرار بقتله أنه يثبت القتل ، واختاره أبو بكر  هنا ، وفيما إذا شهد أحدهما أنه قتله بسيف والآخر بسكين على القتل ، لأنهما اتفقا على القتل ، واختلفا في صيغته ( فأما قول القتيل : فلان قتلني  ، فليس بلوث ) في قول أكثرهم ، لقوله عليه السلام : لو يعطى الناس بدعواهم الخبر . وكالولي ، وقال : هو لوث ، لأن قتيل بني إسرائيل  قال : فلان قتلني فكان حجة ، وجوابه أنه لا قسامة فيه ، فإن ذلك كان من آيات الله تعالى ومعجزات نبيه موسى  عليه السلام ، ثم ذاك في تبرئة المتهمين فلا يجوز تعديته إلى تهمة البريئين ، لكن نقل الميموني    : أذهب إلى القسامة إذا كان ثم لطخ ، إذا كان سبب بين ، إذا كان ثم عداوة ، إذا كان مثل المدعى عليه يفعل ذلك . 
تنبيه : إذا وجد قتيل في موضع فادعى أولياؤه على رجل أو جماعة وليس بينهم عداوة ولا لوث  فهي كسائر الدعاوى ، وإن كان لهم بينة حكم بها ، وإلا قبل قول المنكر ، وقال الحنفية : إذا ادعى أولياؤه قتله على أهل المحلة أو على معين فللولي أن يختار من الموضع خمسين رجلا يحلفون خمسين يمينا :   [ ص: 35 ] والله ما قتلناه ولا علمنا قاتله ، فإن نقصوا عن الخمسين كررت الأيمان عليهم حتى تتم ، فإن حلفوا وجبت الدية على باني الخطة ، فإن لم يكن ، وجبت على سكان الموضع ، فإن لم يحلفوا حبسوا حتى يقروا أو يحلفوا ، لأثر عن عمر  على أنه محتمل ، قال ابن المنذر    : سن النبي صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ، وسن القسامة في القتيل الذي وجد بخيبر  ، وعلم مما سبق أنه لا تسمع الدعوى على غير معين كسائر الدعاوى ، وأنه لا يشترط أن يكون بالقتيل أثر  في قول الجماعة ، لأنه عليه السلام لم يسأل الأنصار  هل بقتيلهم أثر أم لا ؛ مع أن القتل يحصل بما لا أثر له كغم الوجه ، وعنه : يشترط ذلك ، اختاره أبو بكر  ، لأنه إذا لم يكن به أثر احتمل أنه مات حتف أنفه ، فعلى هذه إن خرج دم من أذنه فهو لوث ، وكذا إن خرج من أنفه في وجه ، وقيل : أو شفته ، وجوابه ما تقدم ( ومتى ادعى القتل مع عدم اللوث عمدا  ، فقال الخرقي    : لا يحكم له بيمين ولا غيرها ) هذا رواية قال في الفروع ، وهي أشهر ، سواء كانت الدعوى خطأ أو عمدا ، لأنها دعوى فيما لا يجوز بذله ، أشبه الحدود ، ولا يحكم له بالقسامة ، لأن من شرطها المرتب عليها القتل أو الدية ووجود اللوث ، وهو منتف هنا ( وعن أحمد    : يحلف يمينا واحدة ) قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز ، لقوله عليه السلام : ولكن اليمين على المدعى عليه   . رواه مسلم    . وكدعوى المال ( وهي الأولى ) والأصح ، فعلى هذه : إن حلف المدعى عليه فظاهر ، وإن امتنع لم يقض عليه بقود ، بل بدية ، وقيل : لا يجب ويخلى سبيله ، وعنه : يحلف خمسين يمينا ، لأنه دعوى في قتل أشبه ما لو كان بينهم لوث ( وإن كان خطأ   [ ص: 36 ] حلف يمينا واحدة ) لأن النكول هنا يقضى به ، لأن موجبه مال بخلاف القصاص . 
				
						
						
