" أحمد بن حنبل " . الإمام
هو الإمام المبجل أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان - بالمثناة - بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب [ ص: 422 ] - بكسر الهاء وإسكان النون وبعدها باء موحدة - بن أفصى - بالفاء والصاد المهملة - بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ، الشيباني المروزي البغدادي ، هكذا ذكره ، الخطيب الحافظ أبو بكر البغدادي ، وأبو بكر البيهقي ، وابن عساكر . وقال وابن طاهر ، عباس الدوري : وابن ماكولا ذهل بن شيبان ، وأنكر ذلك الخطيب ، وقال : هو غلط من . قال الدوري الجوهري : وشيبان حي من بكر ، وهما شيبانان . أحدهما : شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، والآخر شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة ، وهو موافق لما قال الخطيب . وذكره المصنف في أول " المغني " فقال : . فأسقط أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن ذهل بن شيبان أنس بن عوف بن قاسط بن مازن ، أربعة وقدم ذهلا على شيبان ، والله أعلم .
حملت به أمه بمرو ، وولدت ببغداد ، ونشأ بها ، وأقام بها إلى أن توفي بها ، ودخل مكة ، والمدينة ، والشام ، واليمن ، والكوفة ، والبصرة ، والجزيرة . قال : كان شيخنا شديد السمرة طوالا مخضوبا بالحناء ، وقيل : كان ربعة . سمع الحافظ ابن عساكر ، سفيان بن عيينة وإبراهيم بن سعد ، ، ويحيى القطان وهشيما ، ووكيعا ، ، وابن علية ، وابن مهدي وعبد الرزاق ، وخلائق كثيرين ذكرهم وغيره على حروف المعجم . وروى عنه الحافظ أبو الفرج بن الجوزي عبد الرزاق ، ، ويحيى بن آدم وأبو الوليد ، ، وابن مهدي ، ويزيد بن هارون ، وعلي بن المديني ، والبخاري ومسلم ، وأبو داود ، وأبو زرعة الرازي ، والدمشقي ، ، وإبراهيم الحربي ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ الطائي الأثرم وعبد الله بن محمد البغوي ، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، ، ومحمد بن إسحاق الصاغاني ، وأبو حاتم الرازي ، وأحمد بن أبي الحواري ، وموسى بن هارون ، [ ص: 423 ] وحنبل بن إسحاق ، وعثمان بن سعيد الدارمي ، وخلائق كثيرون ذكرهم وحجاج بن الشاعر في " المناقب " على حروف المعجم . الحافظ أبو الفرج بن الجوزي
وروينا عن الشافعي الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس أنه قال : خرجت من بغداد وما خلفت بها أحدا ، أورع ، ولا أتقى ، ولا أفقه - وأظنه قال : ولا أعلم - من . أحمد بن حنبل
وعن الربيع بن سليمان ، قال : قال لنا : الشافعي أحمد إمام في ثمان خصال : إمام في الحديث ، إمام في الفقه ، إمام في اللغة ، إمام في القرآن ، إمام في الفقر ، إمام في الزهد ، إمام في الورع ، إمام في السنة .
وروينا عن أنه قال عند قدومه إلى الشافعي مصر من العراق : ما خلفت بالعراق أحدا يشبه . وروينا عن أحمد بن حنبل قال : يقول الناس : إبراهيم الحربي بالتوهم ، والله ما أجد لأحد من التابعين عليه مزية ، ولا أعرف أحدا يقدر قدره ، ولا يعرف من الإسلام محله ، ولقد صحبته عشرين سنة صيفا وشتاء ، وحرا وبردا ، وليلا ونهارا ، فما لقيته لقاة في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس ، ولقد كان يقدم أئمة العلماء من كل بلد ، وإمام كل مصر ، فهم بجلالتهم ما دام الرجل منهم خارجا من المسجد ، فإذا دخل المسجد صار غلاما متعلما . أحمد بن حنبل
وروينا عنه أيضا أنه قال : لقد رأيت رجالات الدنيا ، لم أر مثل ثلاثة . وتعجز النساء أن تلد مثله . ورأيت أحمد بن حنبل من قرنه إلى قدمه مملوءا عقلا ، ورأيت بشر بن الحارث كأنه جبل نفخ فيه علم . أبا عبيد القاسم بن سلام
وروينا عن قال : ما رأيت مثل عبد الوهاب الوراق ، قالوا له : وأي شيء بان لك من فضله وعلمه على سائر من رأيت ؛ قال : رجل سئل عن ستين ألف مسألة ، فأجاب لها بأن قال : حدثنا ، وأخبرنا . وروينا عن أحمد بن حنبل أنه قال : إن سيدي علي بن المديني أمرني أن لا أحدث إلا من كتاب . وروينا عنه أنه قال : إن الله عز وجل أعز هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث أحمد بن حنبل [ ص: 424 ] يوم الردة ، أبو بكر الصديق يوم المحنة . وروينا عنه أنه قال : ما قام أحد بأمر الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما قام وأحمد بن حنبل . قلت : يا أحمد بن حنبل أبا الحسن ، ولا أبو بكر ؛ قال : ولا ، لأن أبو بكر الصديق كان له أعوان وأصحاب ، أبا بكر الصديق لم يكن له أعوان ولا أصحاب . وروينا بالإسناد عن وأحمد بن حنبل ، أنه قال : أبي عبيد القاسم بن سلام إمامنا ، إني لأتزين بذكره . وعن أحمد بن حنبل ، قال : كنا عند أبي بكر الأثرم أبي عبيد وأنا أناظر رجلا عنده ، فقال الرجل : من قال بهذه المسألة ؛ فقلت : من ليس من شرق ولا غرب مثله . قال : من ؛ قلت : . قال أحمد بن حنبل أبو عبيد : صدق ، من ليس في شرق ولا غرب مثله ، ما رأيت رجلا أعلم بالسنة منه . وعن أنه قال : إسحاق بن راهويه حجة بين الله وبين عبيده في أرضه . وقال أيضا : لولا أحمد بن حنبل وبذله نفسه لما بذلها له ، لذهب الإسلام . وعن أحمد بن حنبل أنه قيل له حين ضرب بشر بن الحارث : يا أحمد بن حنبل أبا نصر لو أنك خرجت فقلت : إني على قول . فقال أحمد بن حنبل بشر : أتريدون أن أقوم مقام الأنبياء ؛ إن قام مقام الأنبياء . وقال أيضا : أدخل أحمد بن حنبل الكير ، فخرج ذهبة حمراء . وروينا بالإسناد إلى أحمد بن حنبل بشر ، قال : سمعت يقول : سئل المعافى بن عمران عن الفتوة ، فقال : سفيان الثوري
الفتوة : العقل والحياء ، ورأسها الحفظ ، وزينتها الحلم والأدب ، وشرفها العلم والورع ، وحليتها المحافظة على الصلوات ، وبر الوالدين ، وصلة الرحم ، وبذل المعروف ، وحفظ الجار ، وترك التكبر ، ولزوم الجماعة ، والوقار ، وغض الطرف عن المحارم ، ولين الكلام ، وبذل السلام ، وبر الفتيان العقلاء الذين عقلوا عن الله تعالى أمره ونهيه ، وصدق الحديث ، واجتناب التكلف ، وإظهار المودة ، وإطلاق الوجه ، وإكرام الجليس ، والإنصات للحديث ، وكتمان السر ، وستر العيوب ، وأداء الأمانة ، وترك الخيانة ، والوفاء بالعهد ، والصمت في المجالس من غير عي ، والتواضع من [ ص: 425 ] غير حاجة ، وإجلال الكبير ، والرفق بالصغير ، والرأفة والرحمة للمسلمين ، والصبر عند البلاء ، والشكر عند الرخاء .
وكمال الفتوة : الخشية لله عز وجل ، فينبغي للفتى أن تكون فيه هذه الخصال كلها ، فإذا كان كذلك كان فتى بحقه .
قال بشر : وكذلك كان فتى ، لأنه قد جمع هذه الخصال كلها . وعن أحمد بن حنبل ، قال : ما رأت عيناي مثل أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي في العلم ، والزهد ، والفقه ، والمعرفة ، وكل خير ، ما رأت عيناي مثله . وقال أيضا : ما رأيت أحدا أجمع منه ، ما رأيت أحدا أكمل منه . أحمد بن حنبل
وعن المزني صاحب قال : الشافعي يوم المحنة ، أحمد بن حنبل يوم الردة ، وأبو بكر الصديق وعمر يوم السقيفة ، وعثمان يوم الدار ، وعلي يوم صفين . وعن ، قال : رأيت مائتي شيخ من مشايخ العلم ، فما رأيت مثل أبي داود السجستاني ، لم يكن يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس ، فإذا ذكر العلم تكلم . وعن أحمد بن حنبل ، قال : إبراهيم الحربي في زمانه ، سعيد بن المسيب في زمانه ، وسفيان الثوري في زمانه . وعن وأحمد بن حنبل قال : لما قال النبي صلى الله عليه وسلم " عبد الوهاب الوراق " رددناه إلى فردوه إلى عالمه ، وكان أعلم أهل زمانه ، وقد صنف في مناقبه من المتقدمين والمتأخرين ، جماعة ، أحمد بن حنبل كابن منده ، والبيهقي ، ، وشيخ الإسلام الأنصاري ، وابن الجوزي وابن ناصر ، وغيرهم ، وشهرة إمامته ، ومناقبه ، وسيادته ، وبراعته ، وزهادته ، ومجموع محاسنه ، كالشمس ، إلا أنها لا تغرب ، رضي الله عنه وحشرنا في زمرته .
ولد رضي الله عنه في ربيع الأول سنة 164 هـ أربع وستين ومائة ، وتوفي ببغداد يوم الجمعة لنحو من ساعتين من النهار ، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة 241 إحدى وأربعين ومائتين ، والمشهور من ربيع الآخر ، رضي الله عنه .
صنف " المسند " ثلاثون ألف حديث ، و " التفسير " مائة ألف وعشرون [ ص: 426 ] ألفا ، و " الناسخ والمنسوخ " و " التاريخ " و " حديث شعبة " و " المقدم والمؤخر " في القرآن ، و " جوابات القرآن " و " المناسك " الكبير ، والصغير ، وأشياء أخر ، وليس هذا مكان استقصاء مناقبه ، والله أعلم .