مؤلف الكتاب " المقنع " .
هو موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي ، ولد الإمام العلامة الرباني المتفق على إمامته ، وديانته ، وسيادته ، وورعه بقرية جماعيل بفتح الجيم وتشديد الميم من جبل نابلس من الأرض المقدسة في شعبان سنة 541 إحدى وأربعين وخمسمائة ، اشتغل من صغره بالقرآن العزيز ، والفقه ، وقرأ على الشيخ بقراءة أبي الفتح بن المني ، أبي عمرو بن العلاء وعلى أبي الحسن علي البطائحي بقراءة نافع ، وسمع الحديث الكثير بمكة ، وبغداد ، والموصل ، ودمشق . وروى كثيرا من مسموعاته ، وسمع من خلق كثير يطول ذكرهم ، منهم الإمام العارف ، أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي ، وأبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان ، ، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن النقور وأبو المعالي أحمد بن عبد الغني بن حنيفة الباجسرائي ، والإمام أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب . ووالده الإمام أبو العباس أحمد .
رحل في طلب العلم إلى بغداد وهو شاب في سنة 561 هـ إحدى وستين وخمسمائة ، فأقام نحوا من أربع سنين ، ثم رجع وقد حصل الفقه والحديث والخلاف ، ثم سافر ثانية فأقام سنة ، ثم رجع ، ثم حج سنة 573 سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة ، ومضى على طريق العراق ودخل بغداد ، وأقام ثالثة واشتغل ، فقيل : إنه في هذه السفرة كرر على مائة مسألة من الخلاف ، ثم رجع واشتغل بالأشغال والتصنيف ، فمن تصانيفه [ ص: 427 ] كتاب " البرهان " وجزء في " الاعتقاد " وكتاب " العلو " وكتاب " ذم التأويل " وكتاب " القدر " وفي الحديث كتاب " المتحابين " وكتاب " التوابين " وكتاب " الرقة " وكتاب " فضائل الصحابة " وأجزاء جمعها ، وله كتاب " التبيين في أنساب القرشيين " وكتاب " الاستنصار في أنساب الأنصار " وصنف في الفقه كتاب " المغني " في سبع مجلدات بخطه ، وكتاب " الكافي " مجلدان ، وكتاب " المقنع " مجلد ، وكتاب " العمدة " مجلد لطيف ، و " مختصر الهداية " مجلد وله كتاب " الروضة " في أصول الفقه ، وكتاب " قنعة الأريب في تفسير الغريب " ومقدمتان في الفرائض ، وغير ذلك .
كان رحمه الله إماما في الفقه ، والخلاف ، والفرائض ، والجبر ، والحساب ، والنحو ، والنجوم السيارة ، له فيها نظم حسن . وكان شديد الحلم ، والتواضع ، حسن الأخلاق والشيم ، ذا رأي ومعرفة ، قليل الاهتمام بالدنيا ، مفوضا أمره إلى الله تعالى ، كثير التعبد حسنه ، ذا كرامات ظاهرة كثيرة ، فلذلك نفع الله به الخلق في حياته ، واتصل النفع به بعد موته بتصانيفه ، بحيث لا يكاد يستغني عنها أحد من أهل مذهبه ، وله شعر حسن . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه : ما حل بالشام بعد أفقه من الموفق ، توفي رحمه الله تعالى يوم السبت ، وهو يوم عيد الفطر الأوزاعي بدمشق ، ودفن يوم الأحد من سنة 620 عشرين وستمائة بجبل قاسيون تحت المغارة المعروفة ب " مغارة توبة " وكان الخلق لا يحصي عددهم إلا الله تعالى ، وقبره مشهور يزار ، رحمه الله تعالى ورضي عنه .