فصل
وأما إن كان ما بنوا عليه من غير جنس العادي ;
nindex.php?page=treesubj&link=22161كالمكاشفة ; فهل يكون حكمهم فيه حكم أهل العادات الجارية ، بحيث يطلبون بالرجوع إلى ما عليه الناس ؟ أم يعاملون معاملة أخرى خارجة عن أحكام أهل العوائد الظاهرة في الناس ، وإن كانت مخالفة في الظاهر ; لأنها في تحقيق الكشف الغيبي موافقة لا مخالفة .
والذي يطرد بحسب ما ثبت في المسألة الثانية عشرة وما قبلها أن لا يكون حكمهم مختصا ، بل يردون إلى أحكام أهل العوائد الظاهرة ويطلبهم المربي بذلك حتما ، وقد مر ما يستدل به على ذلك ، ومن الدليل عليه أيضا أوجه :
أحدها : أن الأحكام لو وضعت على حكم انخراق العوائد لم تنتظم لها
[ ص: 502 ] قاعدة ، ولم يرتبط لحكمها مكلف إذ كانت ; لكون الأفعال كلها داخلة تحت إمكان الموافقة والمخالفة ; فلا وجه إلا ويمكن فيه الصحة والفساد ; فلا حكم لأحد على فعل من الأفعال بواحد منهما على البت ، وعند ذلك لا يحكم بترتب ثواب ولا عقاب ، ولا إكرام ولا إهانة ، ولا حقن دم ولا إهداره ، ولا إنفاذ حكم من حاكم ، وما كان هكذا ، فلا يصح أن يشرع مع فرض اعتبار المصالح ، وهو الذي انبنت الشريعة عليه .
والثاني : أن الأمور الخارقة لا تطرد أن تصير حكما يبنى عليه ; لأنها مخصوصة بقوم مخصوصين ، وإذا اختصت لم تجر مع غيرهم ; فلا تكون قواعد الظواهر شاملة لهم ، ولا أيضا تجري فيما بينهم وبين غيرهم ممن ليس منهم ; إذ لا يصح أن يحكم بمقتضى الخوارق على من ليس من أهلها باتفاق من الفريقين ، أعني في نصب أحكام العامة ; إذ ليس للحاكم أو السلطان أن يحكم للولي بمقتضى كشفه ، أو [ كشف ] السلطان نفسه على من ليس بولي من غير معاملة بالأسباب الظاهرة ، ولا أيضا للوليين إذا ترافقا إلى الحاكم في قضية .
وإذا فرض أنها غير شاملة لهم كان على غير ما تقدم البرهان عليه من أن الشريعة عامة وأحكامها عامة على جميع الخلق وفي جميع الأحوال ، كيف وهم يقولون : إن الولي قد يعصي والمعاصي جائزة عليه ; فلا فعل يخالف ظاهره ظاهر الشرع إلا والسابق إلى بادئ الرأي منه أنه عصيان ; فلا يصح مع هذا أن يثبت أن هذا الفعل الخارق الذي لا يجري على ظاهر الشرع مشروع ; لتطرق
[ ص: 503 ] الاحتمالات .
وهذا هو الوجه الثالث .
والرابع : أن أولى الخلق بهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم الصحابة - رضي الله عنهم - ولم يقع منه عليه الصلاة والسلام شيء من ذلك ; إلا ما نصت شريعته عليه مما خص به ولم يعد إلى غيره وما سوى ذلك ، فقد أنكر على من قال له : " يحل الله لنبيه ما شاء " ، ومن قال : " إنك لست مثلنا ، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر " . فغضب وقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337615إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي " .
وقد كان عليه الصلاة والسلام يستشفى به وبدعائه ، ولم يثبت أنه مس
[ ص: 504 ] بشرة أنثى ممن ليست بزوجة له أو ملك يمين ، وكانت النساء يبايعنه ولم تمس يده يد أنثى قط ، ولكن كان يعمل في الأمور على مقتضى الظواهر وإن كان عالما بها ، وقد مر من هذا أشياء ، وهو الذي قعد القواعد ولم يستثن وليا من غيره ، وقد كان حقيقا بذلك لو نزل الحكم على استثناء الولي وأصحاب الخوارق ، وكذلك الصحابة والتابعون لهم بإحسان ، وهم الأولياء حقا ، والفضلاء صدقا .
وفي قصة
الربيع بيان لهذا ; حيث قال وليها أو من كان : والله لا تكسر ثنيتها ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337616كتاب الله القصاص .
[ ص: 505 ] ولم يكتف عليه الصلاة والسلام بأن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ، فكان يرجئ الأمر حتى يبرز أثر القسم ، بل ألجأ إلى القصاص الذي فيه أشد محنة حتى عفا أهله ; فحينئذ قال عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337617إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ، فبين أن ذلك القسم قد أبره الله ، ولكن لم يحكم به حتى ظهر له كرسي وهو العفو ، والعفو منتهض في ظواهر الحكم سببا لإسقاط القصاص .
والخامس : أن الخوارق في الغالب إذا جرت أحكامها معارضة للضوابط الشرعية ; فلا تنتهض أن تثبت ولو كضرائر الشعر ، فإن ذلك إعمال لمخالفة المشروعات ، ونقض لمصالحها الموضوعات ، ألا ترى أن رسول الله قد كان عالما بالمنافقين وأعيانهم ، وكان يعلم منهم فسادا في أهل الإسلام ، ولكن كان يمتنع من قتلهم لمعارض هو أرجح في الاعتبار ; فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337618لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ، فمثله يلغى في جريان أحكام الخوارق على أصحابها ; حتى لا يعتقد من لا خبرة له أن للصوفية شريعة أخرى ، ولهذا وقع إنكار الفقهاء لفعل
أبي يعزى - رضي الله عنه - فالقول بجواز انفراد أصحاب الخوارق بأحكام خارجة عن أحكام العادات الجمهورية قول يقدح في القلوب
[ ص: 506 ] أمورا يطلب بالتحرز منها شرعا ; فلا ينبغي أن يخصوا بزائد على مشروع الجمهور ، ولذلك أيضا اعتقد كثير من الغالين فيهم مذهب الإباحة ، وعضدوا بما سمعوا منها رأيهم ، وهذا [ كله ] تعريض لهم إلى سوء المقالة .
وحاش لله أن يكون أولياء الله إلا برآء من هذه الخوارق المنخرقة ، غير أن الكلام جرى إلى الخوض في هذا المعنى ; فقد علم منهم المحافظة على حدود الشريعة ظاهرا وباطنا ، وهم القائمون بأحكام السنة على ما ينبغي ، المحافظون على اتباعها ، لكن انحراف الفهم عنهم في هذه الأزمنة وفيما قبلها طرق في أحوالهم ما طرق ، ولأجله وقع البحث في هذه المسائل ; حتى يتقرر بحول الله ما يفهم به عنهم مقاصدهم ، وما توزن به أحوالهم ، حسبما تعطيه حقيقة طريقتهم المثلى ، نفعهم الله ونفع بهم .
ثم نرجع إلى تمام المسألة ; فنقول :
وليس الاطلاع على المغيبات ولا الكشف الصحيح بالذي يمنع من الجريان على مقتضى الأحكام العادية ، والقدوة في ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم ما جرى عليه السلف الصالح ، وكذلك القول في انخراق العادات لا ينبغي أن يبنى عليها في الأحكام الظاهرة ، وقد كان عليه الصلاة والسلام معصوما ; لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67والله يعصمك من الناس [ المائدة : 67 ] ، ولا غاية وراء هذا ، ثم إنه كان يتحصن بالدرع والمغفر ، ويتوقى ما العادة أن يتوقى ، ولم يكن ذلك
[ ص: 507 ] نزولا عن رتبته العليا إلى ما دونها ، بل هي أعلى .
وما ذكر من استواء العوائد وعدمها بالنسبة إلى قدرة الله ; فذلك أيضا غير مانع من إجراء أحكام العوائد على مقتضاها .
وقد تقدم أن الصحابة قد كانوا حازوا رتبة التوكل ، ورؤية إنعام المنعم من المنعم لا من السبب ، ومع ذلك فلم يتركوا الدخول في الأسباب العادية التي ندبوا إليها ، ولم يتركهم النبي - صلى الله عليه وسلم - مع هذه الحالة التي تسقط حكم الأسباب وتقضي بانخرام العوائد ، فدل على أنها العزائم التي جاء الشرع بها ; لأن حال انخراق العوائد ليس بمقام يقام فيه ، وإنما محله محل الرخصة كما تقدم ذكره ، ألا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337619قيدها وتوكل .
وقد كان المكملون من الصوفية يدخلون في الأسباب تأدبا بآداب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ونظرا إلى أن وضع الله تعالى أحوال الخلق على العوائد الجارية يوضح أن المقصود الشرعي الدخول تحت أحكام العوائد ، ولم يكونوا ليتركوا الأفضل إلى غيره ، وأما قصة
الخضر عليه السلام ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=82وما فعلته عن أمري [ الكهف : 82 ] ، فيظهر به أنه نبي ، وذهب إليه جماعة من العلماء استدلالا بهذا القول ، ويجوز للنبي أن يحكم بمقتضى الوحي من غير إشكال ، وإن سلم ; فهي قضية عين ولأمر ما ، وليست جارية على شرعنا ، والدليل على ذلك
[ ص: 508 ] أنه لا يجوز في هذه الملة لولي ولا لغيره ممن ليس بنبي أن يقتل صبيا لم يبلغ الحلم ، وإن علم أنه طبع كافرا ، وأنه لا يؤمن أبدا ، وأنه إن عاش أرهق أبويه طغيانا وكفرا ، وإن أذن له من عالم الغيب في ذلك ; لأن الشريعة قد قررت الأمر والنهي ، وإنما الظاهر في تلك القصة أنها وقعت على مقتضى شريعة أخرى ، وعلى مقتضى عتاب
موسى عليه السلام وإعلامه أن ثم علما آخر وقضايا أخر لا يعلمها هو .
فليس كل ما اطلع عليه الولي من الغيوب يسوغ له شرعا أن يعمل عليه ، بل هو على ضربين :
أحدهما :
ما خالف العمل به ظواهر الشريعة من غير أن يصح رده إليها ; فهذا لا يصح العمل عليه البتة .
والثاني :
ما لم يخالف [ العمل ] به شيئا من الظواهر ، أو إن ظهر منه خلاف ; فيرجع بالنظر الصحيح إليها ; فهذا يسوغ العمل عليه ، وقد تقدم بيانه ، فإذا تقرر هذا الطريق ; فهو الصواب ، وعليه يربي المربي ، وبه يعلق همم السالكين تأسيا بسيد المتبوعين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أقرب إلى الخروج عن مقتضى الحظوظ ، وأولى برسوخ القدم ، وأحرى بأن يتابع عليه صاحبه ويقتدى به فيه ، والله أعلم .
فَصْلٌ
وَأَمَّا إِنْ كَانَ مَا بَنَوْا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْعَادِيِّ ;
nindex.php?page=treesubj&link=22161كَالْمُكَاشَفَةِ ; فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُمْ فِيهِ حُكْمَ أَهْلِ الْعَادَاتِ الْجَارِيَةِ ، بِحَيْثُ يُطْلَبُونَ بِالرُّجُوعِ إِلَى مَا عَلَيْهِ النَّاسُ ؟ أَمْ يُعَامَلُونَ مُعَامَلَةً أُخْرَى خَارِجَةً عَنْ أَحْكَامِ أَهْلِ الْعَوَائِدِ الظَّاهِرَةِ فِي النَّاسِ ، وَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً فِي الظَّاهِرِ ; لِأَنَّهَا فِي تَحْقِيقِ الْكَشْفِ الْغَيْبِيِّ مُوَافِقَةٌ لَا مُخَالِفَةٌ .
وَالَّذِي يَطَّرِدُ بِحَسَبِ مَا ثَبَتَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ وَمَا قَبْلَهَا أَنْ لَا يَكُونُ حُكْمُهُمْ مُخْتَصًّا ، بَلْ يُرَدُّونَ إِلَى أَحْكَامِ أَهْلِ الْعَوَائِدِ الظَّاهِرَةِ وَيَطْلُبُهُمُ الْمُرَبِّي بِذَلِكَ حَتْمًا ، وَقَدْ مَرَّ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ ، وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ أَيْضًا أَوْجُهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّ الْأَحْكَامَ لَوْ وُضِعَتْ عَلَى حُكْمِ انْخِرَاقِ الْعَوَائِدِ لَمْ تَنْتَظِمْ لَهَا
[ ص: 502 ] قَاعِدَةٌ ، وَلَمْ يَرْتَبِطْ لِحُكْمِهَا مُكَلَّفٌ إِذْ كَانَتْ ; لَكَوْنِ الْأَفْعَالِ كُلِّهَا دَاخِلَةً تَحْتَ إِمْكَانِ الْمُوَافَقَةِ وَالْمُخَالَفَةِ ; فَلَا وَجْهَ إِلَّا وَيُمْكِنُ فِيهِ الصِّحَّةُ وَالْفَسَادُ ; فَلَا حُكْمَ لِأَحَدٍ عَلَى فِعْلٍ مِنَ الْأَفْعَالِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْبَتِّ ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِتَرَتُّبِ ثَوَابٍ وَلَا عِقَابٍ ، وَلَا إِكْرَامٍ وَلَا إِهَانَةٍ ، وَلَا حَقْنِ دَمٍ وَلَا إِهْدَارِهِ ، وَلَا إِنْفَاذِ حُكْمٍ مِنْ حَاكِمٍ ، وَمَا كَانَ هَكَذَا ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُشَرَّعَ مَعَ فَرْضِ اعْتِبَارِ الْمَصَالِحِ ، وَهُوَ الَّذِي انْبَنَتِ الشَّرِيعَةُ عَلَيْهِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ الْأُمُورَ الْخَارِقَةَ لَا تَطَّرِدُ أَنْ تَصِيرَ حُكْمًا يُبْنَى عَلَيْهِ ; لِأَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِقَوْمٍ مَخْصُوصِينَ ، وَإِذَا اخْتَصَّتْ لَمْ تَجْرِ مَعَ غَيْرِهِمْ ; فَلَا تَكُونُ قَوَاعِدُ الظَّوَاهِرِ شَامِلَةً لَهُمْ ، وَلَا أَيْضًا تَجْرِي فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْهُمْ ; إِذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُحْكَمَ بِمُقْتَضَى الْخَوَارِقِ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَنْ أَهْلِهَا بِاتِّفَاقٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ ، أَعْنِي فِي نَصْبِ أَحْكَامِ الْعَامَّةِ ; إِذْ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَوِ السُّلْطَانِ أَنْ يَحْكُمَ لِلْوَلِيِّ بِمُقْتَضَى كَشْفِهِ ، أَوْ [ كَشْفِ ] السُّلْطَانِ نَفْسِهِ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِوَلِيٍّ مِنْ غَيْرِ مُعَامَلَةٍ بِالْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ ، وَلَا أَيْضًا لِلْوَلِيَّيْنِ إِذَا تَرَافَقَا إِلَى الْحَاكِمِ فِي قَضِيَّةٍ .
وَإِذَا فُرِضَ أَنَّهَا غَيْرُ شَامِلَةٍ لَهُمْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ الْبُرْهَانُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الشَّرِيعَةَ عَامَّةٌ وَأَحْكَامُهَا عَامَّةٌ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ وَفِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ ، كَيْفَ وَهَمَ يَقُولُونَ : إِنَّ الْوَلِيَّ قَدْ يَعْصِي وَالْمَعَاصِي جَائِزَةٌ عَلَيْهِ ; فَلَا فِعْلَ يُخَالِفُ ظَاهِرُهُ ظَاهِرَ الشَّرْعِ إِلَّا وَالسَّابِقُ إِلَى بَادِئِ الرَّأْيِ مِنْهُ أَنَّهُ عِصْيَانٌ ; فَلَا يَصِحُّ مَعَ هَذَا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ الْخَارِقَ الَّذِي لَا يَجْرِي عَلَى ظَاهِرِ الشَّرْعِ مَشْرُوعٌ ; لِتَطَرُّقِ
[ ص: 503 ] الِاحْتِمَالَاتِ .
وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ .
وَالرَّابِعُ : أَنَّ أَوْلَى الْخَلْقِ بِهَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، ثُمَّ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ; إِلَّا مَا نَصَّتْ شَرِيعَتُهُ عَلَيْهِ مِمَّا خُصَّ بِهِ وَلَمْ يَعْدُ إِلَى غَيْرِهِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ ، فَقَدْ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ قَالَ لَهُ : " يُحِلُّ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مَا شَاءَ " ، وَمَنْ قَالَ : " إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا ، قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ " . فَغَضِبَ وَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337615إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي " .
وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُسْتَشْفَى بِهِ وَبِدُعَائِهِ ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مَسَّ
[ ص: 504 ] بَشَرَةَ أُنْثَى مِمَّنْ لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ لَهُ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ ، وَكَانَتِ النِّسَاءُ يُبَايِعْنَهُ وَلَمْ تَمَسَّ يَدُهُ يَدَ أُنْثَى قَطُّ ، وَلَكِنْ كَانَ يَعْمَلُ فِي الْأُمُورِ عَلَى مُقْتَضَى الظَّوَاهِرِ وَإِنَّ كَانَ عَالِمًا بِهَا ، وَقَدْ مَرَّ مِنْ هَذَا أَشْيَاءُ ، وَهُوَ الَّذِي قَعَّدَ الْقَوَاعِدَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ وَلِيًّا مِنْ غَيْرِهِ ، وَقَدْ كَانَ حَقِيقًا بِذَلِكَ لَوْ نَزَلَ الْحُكْمُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْوَلِيِّ وَأَصْحَابِ الْخَوَارِقِ ، وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ ، وَهُمُ الْأَوْلِيَاءُ حَقًّا ، وَالْفُضَلَاءُ صِدْقًا .
وَفِي قِصَّةِ
الرُّبَيْعِ بَيَانٌ لِهَذَا ; حَيْثُ قَالَ وَلَيُّهَا أَوْ مَنْ كَانَ : وَاللَّهِ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337616كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ .
[ ص: 505 ] وَلَمْ يَكْتَفِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِأَنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ، فَكَانَ يُرْجِئُ الْأَمْرَ حَتَّى يَبْرُزَ أَثَرُ الْقَسَمِ ، بَلْ أَلْجَأَ إِلَى الْقِصَاصِ الَّذِي فِيهِ أَشَدُّ مِحْنَةً حَتَّى عَفَا أَهْلُهُ ; فَحِينَئِذٍ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337617إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ، فَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْقَسَمَ قَدْ أَبَرَّهُ اللَّهُ ، وَلَكِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَتَّى ظَهَرَ لَهُ كُرْسِيٌّ وَهُوَ الْعَفْوُ ، وَالْعَفْوُ مُنْتَهِضٌ فِي ظَوَاهِرِ الْحُكْمِ سَبَبًا لِإِسْقَاطِ الْقِصَاصِ .
وَالْخَامِسُ : أَنَّ الْخَوَارِقَ فِي الْغَالِبِ إِذَا جَرَتْ أَحْكَامُهَا مُعَارِضَةً لِلضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ ; فَلَا تَنْتَهِضُ أَنْ تَثْبُتَ وَلَوْ كَضَرَائِرِ الشِّعْرِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ إِعْمَالٌ لِمُخَالَفَةِ الْمَشْرُوعَاتِ ، وَنَقْضٌ لِمَصَالِحِهَا الْمَوْضُوعَاتِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كَانَ عَالِمًا بِالْمُنَافِقِينَ وَأَعْيَانِهِمْ ، وَكَانَ يَعْلَمُ مِنْهُمْ فَسَادًا فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، وَلَكِنْ كَانَ يَمْتَنِعُ مِنْ قَتْلِهِمْ لِمُعَارِضٍ هُوَ أَرْجَحُ فِي الِاعْتِبَارِ ; فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337618لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ، فَمِثْلُهُ يُلْغَى فِي جَرَيَانِ أَحْكَامِ الْخَوَارِقِ عَلَى أَصْحَابِهَا ; حَتَّى لَا يَعْتَقِدَ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ أَنَّ لِلصُّوفِيَّةِ شَرِيعَةً أُخْرَى ، وَلِهَذَا وَقَعَ إِنْكَارُ الْفُقَهَاءِ لِفِعْلِ
أَبِي يَعْزَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَالْقَوْلُ بِجَوَازِ انْفِرَادِ أَصْحَابِ الْخَوَارِقِ بِأَحْكَامٍ خَارِجَةٍ عَنْ أَحْكَامِ الْعَادَاتِ الْجُمْهُورِيَّةِ قَوْلٌ يَقْدَحُ فِي الْقُلُوبِ
[ ص: 506 ] أُمُورًا يُطْلَبُ بِالتَّحَرُّزِ مِنْهَا شَرْعًا ; فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخَصُّوا بِزَائِدٍ عَلَى مَشْرُوعِ الْجُمْهُورِ ، وَلِذَلِكَ أَيْضًا اعْتَقَدَ كَثِيرٌ مِنَ الْغَالِينَ فِيهِمْ مَذْهَبَ الْإِبَاحَةِ ، وَعَضَّدُوا بِمَا سَمِعُوا مِنْهَا رَأْيَهُمْ ، وَهَذَا [ كُلُّهُ ] تَعْرِيضٌ لَهُمْ إِلَى سُوءِ الْمَقَالَةِ .
وَحَاشَ لِلَّهِ أَنَّ يَكُونَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ إِلَّا بُرَآءَ مِنْ هَذِهِ الْخَوَارِقِ الْمُنْخَرِقَةِ ، غَيْرَ أَنَّ الْكَلَامَ جَرَى إِلَى الْخَوْضِ فِي هَذَا الْمَعْنَى ; فَقَدْ عُلِمَ مِنْهُمُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى حُدُودِ الشَّرِيعَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، وَهُمُ الْقَائِمُونَ بِأَحْكَامِ السُّنَّةِ عَلَى مَا يَنْبَغِي ، الْمُحَافِظُونَ عَلَى اتِّبَاعِهَا ، لَكِنَّ انْحِرَافَ الْفَهْمِ عَنْهُمْ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ وَفِيمَا قَبْلَهَا طَرَقَ فِي أَحْوَالِهِمْ مَا طَرَقَ ، وَلِأَجْلِهِ وَقَعَ الْبَحْثُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ ; حَتَّى يَتَقَرَّرَ بِحَوْلِ اللَّهِ مَا يُفْهَمُ بِهِ عَنْهُمْ مَقَاصِدُهُمْ ، وَمَا تُوزَنُ بِهِ أَحْوَالُهُمْ ، حَسْبَمَا تُعْطِيهِ حَقِيقَةُ طَرِيقَتِهِمُ الْمُثْلَى ، نَفَعَهُمُ اللَّهُ وَنَفَعَ بِهِمْ .
ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَى تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ ; فَنَقُولُ :
وَلَيْسَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الْمُغَيَّبَاتِ وَلَا الْكَشْفُ الصَّحِيحُ بِالَّذِي يَمْنَعُ مِنَ الْجَرَيَانِ عَلَى مُقْتَضَى الْأَحْكَامِ الْعَادِيَّةِ ، وَالْقُدْوَةُ فِي ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، ثُمَّ مَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي انْخِرَاقِ الْعَادَاتِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبْنَى عَلَيْهَا فِي الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ ، وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعْصُومًا ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [ الْمَائِدَةِ : 67 ] ، وَلَا غَايَةَ وَرَاءَ هَذَا ، ثُمَّ إِنَّهُ كَانَ يَتَحَصَّنُ بِالدِّرْعِ وَالْمِغْفَرِ ، وَيَتَوَقَّى مَا الْعَادَةُ أَنْ يَتَوَقَّى ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ
[ ص: 507 ] نُزُولًا عَنْ رُتْبَتِهِ الْعُلْيَا إِلَى مَا دُونَهَا ، بَلْ هِيَ أَعْلَى .
وَمَا ذُكِرَ مِنْ اسْتِوَاءِ الْعَوَائِدِ وَعَدَمِهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى قُدْرَةِ اللَّهِ ; فَذَلِكَ أَيْضًا غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ إِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْعَوَائِدِ عَلَى مُقْتَضَاهَا .
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحَابَةَ قَدْ كَانُوا حَازُوا رُتْبَةَ التَّوَكُّلِ ، وَرُؤْيَةَ إِنْعَامِ الْمُنْعَمِ مِنَ الْمُنْعِمِ لَا مِنَ السَّبَبِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَتْرُكُوا الدُّخُولَ فِي الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ الَّتِي نُدِبُوا إِلَيْهَا ، وَلَمْ يَتْرُكْهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ هَذِهِ الْحَالَةِ الَّتِي تُسْقِطُ حُكْمَ الْأَسْبَابِ وَتَقْضِي بِانْخِرَامِ الْعَوَائِدِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا الْعَزَائِمُ الَّتِي جَاءَ الشَّرْعُ بِهَا ; لِأَنَّ حَالَ انْخِرَاقِ الْعَوَائِدِ لَيْسَ بِمَقَامٍ يُقَامُ فِيهِ ، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ مَحَلُّ الرُّخْصَةِ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337619قَيِّدْهَا وَتَوَكَّلْ .
وَقَدْ كَانَ الْمُكَمِّلُونَ مِنَ الصُّوفِيَّةِ يَدْخُلُونَ فِي الْأَسْبَابِ تَأَدُّبًا بِآدَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَنَظَرًا إِلَى أَنَّ وَضْعَ اللَّهِ تَعَالَى أَحْوَالَ الْخَلْقِ عَلَى الْعَوَائِدِ الْجَارِيَةِ يُوَضِّحُ أَنَّ الْمَقْصُودَ الشَّرْعِيَّ الدُّخُولُ تَحْتَ أَحْكَامِ الْعَوَائِدِ ، وَلَمْ يَكُونُوا لِيَتْرُكُوا الْأَفْضَلَ إِلَى غَيْرِهِ ، وَأَمَّا قِصَّةٌ
الْخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=82وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي [ الْكَهْفِ : 82 ] ، فَيُظْهِرُ بِهِ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، وَذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ اسْتِدْلَالًا بِهَذَا الْقَوْلِ ، وَيَجُوزُ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِمُقْتَضَى الْوَحْيِ مِنْ غَيْرِ إِشْكَالٍ ، وَإِنْ سَلِمَ ; فَهِيَ قَضِيَّةُ عَيْنٍ وَلِأَمْرٍ مَا ، وَلَيْسَتْ جَارِيَةً عَلَى شَرْعِنَا ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ
[ ص: 508 ] أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ لِوَلِيٍّ وَلَا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ أَنْ يَقْتُلَ صَبِيًّا لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ ، وَإِنَّ عَلِمَ أَنَّهُ طُبِعَ كَافِرًا ، وَأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ أَبَدًا ، وَأَنَّهُ إِنْ عَاشَ أَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ، وَإِنْ أُذِنَ لَهُ مِنْ عَالَمِ الْغَيْبِ فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ قَدْ قَرَّرَتِ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ ، وَإِنَّمَا الظَّاهِرُ فِي تِلْكَ الْقِصَّةِ أَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى مُقْتَضَى شَرِيعَةٍ أُخْرَى ، وَعَلَى مُقْتَضَى عِتَابِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِعْلَامِهِ أَنَّ ثَمَّ عِلْمًا آخَرَ وَقَضَايَا أُخَرَ لَا يَعْلَمُهَا هُوَ .
فَلَيْسَ كُلُّ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ مِنَ الْغُيُوبِ يُسَوِّغُ لَهُ شَرْعًا أَنْ يَعْمَلَ عَلَيْهِ ، بَلْ هُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ :
أَحَدُهُمَا :
مَا خَالَفَ الْعَمَلُ بِهِ ظَوَاهِرَ الشَّرِيعَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِحَّ رَدُّهُ إِلَيْهَا ; فَهَذَا لَا يَصِحُّ الْعَمَلُ عَلَيْهِ الْبَتَّةَ .
وَالثَّانِي :
مَا لَمْ يُخَالِفْ [ الْعَمَلُ ] بِهِ شَيْئًا مِنَ الظَّوَاهِرِ ، أَوْ إِنْ ظَهَرَ مِنْهُ خِلَافٌ ; فَيَرْجِعُ بِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ إِلَيْهَا ; فَهَذَا يُسَوَّغُ الْعَمَلُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ ، فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا الطَّرِيقُ ; فَهُوَ الصَّوَابُ ، وَعَلَيْهِ يُرَبِّي الْمُرَبِّي ، وَبِهِ يُعَلَّقُ هِمَمُ السَّالِكِينَ تَأَسِّيًا بِسَيِّدِ الْمَتْبُوعِينَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْخُرُوجِ عَنْ مُقْتَضَى الْحُظُوظِ ، وَأَوْلَى بِرُسُوخِ الْقَدَمِ ، وَأَحْرَى بِأَنْ يُتَابَعَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَيُقْتَدَى بِهِ فِيهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .