والثاني : وهو  الإضافي   ليس بداخل في صريح الآية ، وإن كان في المعنى داخلا فيه ; لأنه لم يصر متشابها من حيث وضع في الشريعة من جهة أنه قد حصل بيانه في نفس الأمر ولكن الناظر قصر في الاجتهاد ، أو زاغ عن طريق البيان اتباعا للهوى ، فلا يصح أن ينسب الاشتباه إلى الأدلة ، وإنما ينسب إلى الناظرين التقصير ، أو الجهل بمواقع الأدلة فيطلق عليهم أنهم متبعون للمتشابه لأنهم إذا كانوا على ذلك مع حصول البيان فما ظنك بهم مع عدمه فلهذا قيل : إنهم داخلون بالمعنى في حكم الآية .  
ومن أمثلة هذا القسم ما تقدم آنفا  للمعتزلة   والخوارج   ، وغيرهم ، ومثله ما خرجه  مسلم  عن  سفيان  قال : سمعت رجلا يسأل  جابر بن يزيد الجعفي  عن قوله :  فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين      [ يوسف : 80 ] فقال  جابر     : لم يجئ تأويل هذه الآية . قال  سفيان     : وكذب . قال  الحميدي     : فقلنا  لسفيان     : ما أراد بهذا ؟ فقال : إن  الرافضة   تقول إن  عليا  في السحاب ، فلا يخرج يعني مع من خرج من ولده حتى ينادي مناد من السماء يريد  عليا  أنه ينادي - : اخرجوا مع فلان يقول  جابر  فذا تأويل هذه الآية ، وكذب ، كانت في إخوة  يوسف      .  
فهذه الآية أمرها واضح ، ومعناها ظاهر يدل عليه ما قبل الآية ، وما بعدها كما دل الخاص على معنى العام ، ودل المقيد على معنى المطلق فلما قطع      [ ص: 318 ] جابر  الآية عما قبلها ، وما بعدها كما قطع غيره الخاص عن العام والمقيد عن المطلق صار الموضع بالنسبة إليه من المتشابه فكان من حقه التوقف لكنه اتبع فيه هواه فزاغ عن معنى الآية .  
وأما الثالث فالتشابه فيه ليس بعائد على الأدلة ، وإنما هو عائد على مناط الأدلة فالنهي عن أكل الميتة واضح والإذن في أكل الذكية كذلك ، فإذا اختلطت الميتة بالذكية حصل الاشتباه في المأكول لا في الدليل على تحليله ، أو تحريمه ، لكن جاء الدليل المقتضي لحكمه في اشتباهه ، وهو الاتقاء حتى يتبين الأمر ، وهو أيضا واضح لا تشابه فيه ، وهكذا سائر ما دخل في هذا النوع مما يكون محل الاشتباه فيه المناط لا نفس الدليل ، فلا مدخل له في المسألة .  
				
						
						
