الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لماذا أخشى رأي الآخرين وأتردد في التعبير عن ذاتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة، حصلت على البكالوريوس، وأدرس حاليًا دبلوم التربية الخاصة، أنا إنسانة يهمني رأي الآخرين فيّ، وفي كل شيء أود أن أعمله، وفي المقابل لا أحب أن أعطي رأيي في أحدٍ أو في موضوع يهمهم، خوفًا من ألَّا يعجبهم رأيي، أو أن يفهموا كلامي خطأ، أو أن ينقلوا كلامي بطريقة مختلفة عمَّا قلته.

أحب دراستي جدًا، وأحب أن أكون متميزة، لكنني لا أحب أن أُظهر هذا التميز أمام من حولي، حتى لا يشعروا بأنني متكبرة عليهم أو أعلى منهم، لا أحب أن يعلم أحد عني أمورًا تخصني، مثل أنني قمت بالتقديم على وظائف، أو شيء من ذلك.

أحس أنني إنسانة مزاجية؛ مثلاً: يعجبني شيء فأقتنيه، وبعد فترة أمل منه، وأحب أن أُظهر للآخرين حبي لهم، فأحاول أن أبدي لهم ودي واهتمامي بهم، كذلك أحب اللعب، وتشدني أفلام الكرتون، كما أنني لا أحب أن أواجه أحدًا في أي شيء فعلته، حتى لو كان هذا الأمر مجرد كلام، وإذا كنت أبتغي شيئًا من والدي، عند طلبي أبكي أو تخنقني العبرة! تعجبني الشخصية القوية والمنفتحة على الحياة.

وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن لكل إنسان صفات وسمات تميز شخصيته، والإنسان لا يمكن أن يغير شخصيته في مكوناتها الأساسية، ولكنه يمكن أن يعدل سلوكه، وذلك بأن يفهم الإنسان نفسه ويفهم شخصيته، ولا يتأتى ذلك إلا إذا قيم الإنسان نفسه تقييماً صحيحاً ودقيقاً، بمعنى أن يكون هذا التقييم منصفًا دون أي محاباة، ودون أي قسوة على النفس، بعد ذلك يرى ما هو إيجابي ويحاول أن يبني عليه إيجابيات أخرى، وما هو سلبي يحاول التخلص منه، وذلك بأن يفعل ضد ما هو سلبي، بأن يتجاهل السلبي ويستبدله بما هو إيجابي، هذا نسميه اكتشاف الذات وقبول الذات، ومن ثم يعمل الإنسان على تطويرها.

ومن أفضل الطرق لتنمية الذات وتطويرها، هو أن يدير الإنسان وقته بصورة صحيحة، الإنسان حين ينخرط في نشاطات مختلفة في أثناء اليوم، ثم يأتي في نهايته ويقوم بمراجعة وجرد ما قام بإنجازه من أعمال مختلفة، ودراسة، وتواصل اجتماعي، وعبادة، وممارسة للرياضة، يحس برضا كبير عن نفسه، وهذا الشعور بالرضا هو الذي يطور الذات، هذا أمر مهم جدّاً وضروري.

ما ذكرته في رسالتك من تقلب في المزاج، ربما تكونين حساسة حول هذا الأمر؛ لأن تقلب المزاج هو أصلاً من طبيعة البشر، والضروري والمهم هو أن يكون لديك صورة إيجابية عن نفسك، كما ذكرت لك، وأن تديري وقتك بصورة ممتازة، وأيضاً أن تتخذي القدوة الحسنة، القدوة الحسنة دائماً تعين الإنسان على أمور الدين والدنيا، وتجعله ينطلق إلى آفاق أبعد، ويكون أكثر نجاحاً في مستقبله -إن شاء الله-.

ما ذكرته حول أنك إذا طلبت شيئًا من والدك تقومين بالبكاء وتأتيك العبرة؟ هذا لا شك أنه تصرف لا داعي له، وأنتِ -الحمد لله- في كامل عقلك ووعيك، ولا بد أن تضعي ضوابط على نفسك، ما هو غير معقول، ما هو غير مقبول، لا نترك لأنفسنا الحبل على الغارب وندعها تنطلق، لا بد أن أوقف نفسي، وأحاسبها، وأسألها، هذا مهم جدّاً، ولا أعتقد أن لديك مشكلة أساسية، و-إن شاء الله- باتباعك ما ذكرناه لك سوف يفيدك كثيرًا.

هنالك كتاب جيد للدكتور بشير صالح الرشيدي، الكتاب بعنوان (التعامل مع الذات)، أعتقد أنكِ باطلاعك عليه، ومحاولة تطبيق بعض التمارين السلوكية الواردة فيه، سوف تجدين فيه فائدة ونفعًا -إن شاء الله-.

ونشكرك كثيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد والنجاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً