الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع زوجي المصاب باضطراب ذهني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إخواني في الله، أطلب منكم مساعدتي، راجية من الله ثم منكم العون.

أنا متزوجة منذ ثلاثة أشهر، وكنت قبل الزواج أعلم أن من تقدم لي شاب صالح، لكنه يتناول أدوية نفسية، وقد وافقت عليه لصلاحه، والحمد لله على كل حال، لكني الآن أرغب في فهم حالته بشكل أعمق، وكيف أتعامل معه بطريقة صحيحة.

زوجي يتابع علاجه مع طبيب نفسي، وقد أخبرني الطبيب أنه يعاني من اضطرابات ذهنية، وحالة زوجي هي:
- قليل الكلام، ولا يحب الاختلاط بالناس سوى أفراد عائلته.
- يستحي من الجميع، حتى من إخوانه.
- أحيانًا يبدو عليه التعب، ويظهر ذلك على وجهه، لكنه لا يعبّر عن ألمه، وإذا سألته: "هل أنت متعب؟" يرد بالنفي، حتى مع الإلحاح.
- أكون بجانبه وأتحدث معه، لكنه لا يسمعني أحيانًا إلا إذا نبهته، فأقول له: "ما رأيك؟"، فيرد: "أعيدي ما قلتِ!"
- كثير السرحان، وإذا سألته عمّا يشغله يقول: "أنا لست شاردًا".
- يعاني من كسل وخمول شديد، وأحيانًا لا يرغب في الذهاب إلى عمله "لديه عمل ومشروع خاص".
- ينام ليلاً في الساعة 12، ثم يستيقظ لصلاة الفجر، ويعود للنوم حتى الساعة 8:30 صباحًا.
- ينام أيضًا بعد الظهر من الساعة 1 حتى أذان العصر.
- أحيانًا لا يذهب لعمله، ويواصل النوم من الفجر حتى الساعة 11 صباحًا.

حاولت أن أدمجه مع أهلي، وأحادثه كثيرًا لأخرجه من عزلته، لكنه يقول لي: "أنتِ كثيرة الكلام!"، ولا يتجاوب.

لا أعلم كيف أتعامل معه! أتمنى منكم مساعدتي عاجلًا، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذا الأخ الفاضل له حقوق من الناحية العلاجية، ونحن لا نرغب أبدًا في التدخل في شأنه بما قد يسيء إليه، بل نتحدث فقط ضمن إطار ما تسمح به الأخلاقيات الطبية المهنية، وبما يعود –إن شاء الله– بالنفع عليكما.

إذا كان التشخيص كما ذُكر؛ فإن هذه الأمراض تتصف أحيانًا بنوع من الانسحاب الاجتماعي وافتقاد الدافعية، والأوصاف التي ذكرتها عن هذا الأخ تُعد مؤشرًا على ذلك، لكن -وبفضل الله تعالى- لا يبدو أنه يعاني من أعراض نشطة، وأقصد بذلك اضطراب التفكير، أو وجود الهلاوس، أو ما يُعرف بالضلالات، أو الأفكار الاضطهادية.

ويكون التعامل معه أولًا قائمًا على الاحترام، مع صيانة حقوقه كزوج.

ثانيًا: مساعدته على الالتزام بتناول العلاج، بل وتشجيعه على ذلك، وإذا استطعتِ الذهاب معه إلى الطبيب النفسي، فسيكون ذلك أمرًا إيجابيًا للغاية.

اطلبي منه بلطف أن تتناقشا معًا في أمر الأدوية والشعور بالخمول والكسل وزيادة النوم؛ فقد تكون هذه الأعراض من الآثار الجانبية للعلاج.

بفضل الله، توجد أدوية فعالة لعلاج الأمراض الذهانية، وبعضها يسبب النعاس والبعض الآخر لا يفعل. وربما لم يُخبر زوجك الطبيب بكل ما يشعر به، مما دفع الطبيب إلى مواصلة نفس خطة العلاج؛ لاعتقاده بأن الحالة مستقرة؛ لذا: أنصحك بأن تطلبي منه بكل ودٍّ أن يسمح لك بمرافقته في زيارة الطبيب؛ لعرض ملاحظاتك عليه.

إن وافق، فسيكون ذلك جيدًا، فالأطباء عادة ما يُوصون بأن يحضر أحد من أهل المريض معه؛ لأن ملاحظات المحيطين به تُعد مهمة جدًّا، وستقدمين للطبيب مؤشرات ضرورية تساعده في توجيه العلاج بالشكل المناسب.

ومن المهم أيضًا أن تشعري زوجك دائمًا بأنه صاحب القوامة –وهو كذلك–، وأن تشجعيه على القيام بمهامه، وتحفزيه على المشاركة في المناسبات الاجتماعية، والتواصل مع الآخرين؛ فذلك يُعد عنصرًا أساسيًا في تحسين حالته، كما أن تعزيز إحساسه بأهمية عمله يُعتبر نوعًا من التأهيل الضروري.

ويمكنك أن تساعديه على تنشيط تركيزه، مثلًا بقراءة القرآن معًا، أو بمناقشة بعض المواضيع التي تُطرح في القنوات الفضائية، أو ما تقرئينه في الصحف أو الكتب؛ كل ذلك يُسهم في تحفيز التفكير والتركيز لديه.

ويُفضل كذلك أن تُقنعيه بممارسة بعض التمارين الرياضية، حتى وإن كانت بسيطة، كأن تخرجا للمشي سويًا من وقت لآخر، أو بإحضار معدات رياضية خفيفة إلى المنزل، وتمارسين لتشجعيه هو أيضًا على المشاركة؛ هذا كله يُعد من وسائل التأهيل المهمة.

وأكرر في الختام: من الضروري أن يلتزم بتناول دوائه بانتظام، ونسأل الله له الشفاء والعافية، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً