الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن أن يشخص المريض بالذهان والفصام الوجداني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا صاحبة الاستشارة رقم (2553656) ذهبتُ بأختي إلى طبيب نفسي كما نصحتني، وتم تشخيصها أيضًا بالذهان، وفي مرة أخرى قال: إنه فصام وجداني، وقد تم وصف الأدوية التالية:
- أولابكس 10 مجم: قرص مساءً.
- كويتيابين 100 مجم: نصف قرص مساءً.
- كربونات الليثيوم 400 مجم: قرص مساءً.
- إندرال 40 مجم: نصف قرص صباحًا ونصف مساءً.

وقال: إن الغدة الدرقية قد تكون سببًا أيضًا في هذه الحالة، خصوصًا أنها توقفت عن تناول دواء الغدة منذ ثلاث سنوات، ولكنني قلق بشأن دواء الليثيوم؛ فقد قرأت أنه يُوصف عادة للاضطراب الوجداني ثنائي القطب، وأنه يجب إجراء تحاليل للكلية والغدة قبل البدء به، والطبيب يعلم أن لديها نشاطًا في الغدة الدرقية، فكيف يصف هذا الدواء مع هذا التشخيص (الذهان)؟ نسبة التحليل الأخير كانت 0.05، وأنا لن أُعطيها الليثيوم حتى تتم الإجابة على سؤالي، مع العلم أن مستوى الطب النفسي في محافظتي ضعيف جدًا، ولا أستطيع السفر إلى القاهرة.

استفساراتي:
1- هل التشخيص هو الذهان، أم فصام وجداني، أم أن كلاهما واحد؟
2- هي لا تأتيها نوبات هوس أو اكتئاب، فهل هناك شيء في هذه الأدوية قد يدفعها إلى أحد القطبين، وخصوصًا القطب الهوسي؟
3- هل هناك أدوية أخرى أفضل أو أكثر ملاءمة؟
4- مساعد الصيدلي أخبرني أن هذه الأدوية قد تُسبب الإدمان، إذا استُخدمت لعدة شهور أو سنوات، فهل هذا صحيح؟

مع العلم أن أعراضًا جديدة ظهرت خلال الأيام الخمسة الأخيرة، وهي:
- أنها أصبحت تتحدث إلى أشخاص غير موجودين في البيت، وهم من أقاربنا.
- بدأت تناديني بأسماء أشخاص آخرين، من بينهم رجال ونساء.

كما أن الطبيب سألني سابقًا: هل عندها شك؟ وبالفعل، كانت لديها أفكار شك في ذلك الوقت، لكنها الآن لم تعد تُبدي هذه الأفكار، ومن طبيعتها قبل المرض لم يكن لديها أي شك أو سوء ظن بالناس، بل كانت على العكس تمامًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بكِ في إسلام ويب، وأسأل الله تعالى العافية والشفاء لهذه الفتاة، وقد أحسنتِ بالذهاب بها لمقابلة الطبيب النفسي.

التشخيص: من الواضح أن لديها أعراضًا ذهانية، خاصة ما ذكرتِه في نهاية رسالتك، وهو أنها تتحدث إلى أشخاص غير موجودين في البيت، والذهان -أيتها الفاضلة- قد يكون ذُهانًا فصاميًّا (Schizophrenic Psychosis)، أو ذهانًا شبه فصامي، أو قد يكون فصامًا وجدانيًّا (Affective Psychosis)، بمعنى أن المكوّن الوجداني أيضًا يكون موجودًا، لكن توجد درجات كبيرة من التداخل بين هذه الحالات، ولا تنزعجي لهذه المسميات، وتشغلي نفسك كثيرًا بها.

طبعًا الطبيب حين أعطاها الـ (ليثيوم، Lithium) بجانب (أولابكس، Olapex)، ربما كان يظن أنه لديها مكوناً وجدانياً مع الأعراض الذهانية، لذا أراد تأمين طريقة العلاج، لتكون أكثر نجاعة وفعالية، لكن الأولابكس لوحده قد يكون كافيًا، فلا تنزعجي أبدًا لموضوع الليثيوم، وربما يكون كافيًا جدًّا أن تُعطيها الأولابكس وهو الـ (أولانزابين، Olanzapine) لوحده، حتى (كويتيابين، Quetiapine)، قد لا تكون هناك حاجة له، مع أنه دواء ممتازة جدًّا، لكن فعاليته هي مثل فعالية أولانزابين.

أنا أقترح عليكِ ألَّا تؤخري أبدًا علاج هذه الفتاة -حفظك الله-، وابدئي بإعطائها الأولابكس بجرعة 5 ملغ ليلاً لمدة ليلتين، ثم بعد ذلك اجعلي الجرعة 10 ملغ ليلًا، ومن المفترض في ظرف أسبوعين أن تتحسَّن حالتها، وإن لم تتحسَّن فقد تحتاج إلى رفع الجرعة إلى 15 ملغ، أو إضافة الكويتيابين.

ولا بأس بعدم إضافة الليثيوم، مع احترامي الشديد لرأي الطبيب، لكن لا تنقطعي عن متابعة الطبيب، فالمراجعات مهمة جدًّا، وهذه الحالات معروفة جيدًا للأطباء النفسيين، فلا تنقطعي عن المتابعة مع هذا الطبيب، ولا بد من الالتزام بالزيارات، واتبعي هذه الوسيلة العلاجية التي ذكرناها لك، وعقار الليثيوم يستلزم التزامًا دقيقًا وبروتوكولًا صارمًا، من حيث مراقبة مستوياته في الدم، إلى جانب المتابعة المنتظمة لوظائف الغدة الدرقية، كما تفضلتِ بالإشارة.

علاج اضطراب الغدة الدرقية: ينبغي أن يتم بدقة وانضباط؛ إذ إنّ اختلال نشاط الغدة -سواء بالزيادة أو النقصان-، قد يُخلّف آثارًا سلبية واضحة على الحالة النفسية، بل وقد يمتد تأثيره إلى الجوانب الذهانية كذلك.

إذًا هذه هي الخطة العلاجية التي أوصي بها، ولا داعي للانشغال كثيرًا في هذه المرحلة بالتفاصيل التشخيصية، ويمكننا مؤقتًا اعتبار الحالة على أنها نوبة ذهانية حادة (Acute Psychotic Episode)، -وبإذن الله- ستكون الاستجابة للعلاج، أي دواء الأولابكس طيبة ومبشّرة.

بارك الله فيكِ، وجزاكِ الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً