الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج نوبة الهلع والهرع

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولاً أتوجه بالشكر لجميع العاملين الذين يعملون في هذا المنتدى الرائع.

أنا شاب عمري (26) سنة أعيش في قطاع غزة، وطول فترة حياتي لم أعان بفضل الله من أي مرض نفسي، أو عضوي، وفجأة أصابتني أعراض لم أسمع أو أعرف عنها في البداية، دوخة قوية وسخونة في الجسم، وبرودة للأطراف وسرعة دقات القلب، وزغللة في النظر، وعدم التركيز في أي شيء.

بقيت الأعراض لفترة طويلة، وصاحبت هذه الأعراض تشاؤم، وعدم الإحساس بالحياة، والشعور بالضيق، حياتي توقفت وأحس بأني أريد أن أُجنَّ أو أني أريد أن أموت، وأفكر في أشياء مضرة قد تحدث لي، وصار كل تفكيري فقط كيف أرجع لحياتي الطبيعية أريد أن أرجع، وإلا لا ترجع حياتي أبداً!

تعبت من التفكير في المرض، أصبت بالإرهاق، تعبت تعباً ما تعبه بشر، ولليوم الذي نحن فيه وأنا يغمى علي بأي لحظة، وكل يوم وأنا على هذا الحال، يغمى علي لدرجة أني تركت الخروج من البيت؛ خوفاً من أني قد أقع أمام الناس أو في الشارع.

خفت بعض الأعراض، وصار معي في الأذن الشمال مثل (صوت تشويش خفيف)، وأحياناً يكون أقوى قليلاً، أحس بخروجه من رأسي، والمسكنات لم تفدني.

أحب أوضح أنه بكل الأعراض هذه أريد أن أكون صريحاً، كنت آخذ (تريمادول) باستمرار لكن ما أتوقع يكون سبباً لكل هذه الأعراض.
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك كلماتك الطيبة ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعاً.

إنا نحرص تماماً على أن نركز على التشخيص للحالات؛ لأن هذا هو جوهر الموضوع، حيث إن الإنسان إذا عرف مشكلته يستطيع وبمساعدة المختصين أن يصل إلى بعض الحلول إن شاء الله تعالى.

الحالة التي حصلت لك وبكل الأعراض التي ذكرتها، وبالحدة، والشدة التي أزعجتك كثيراً، نسميها بنوبة الهلع أو الهرع، وهو نوع من القلق النفسي الحاد جدّاً، والذي قد لا يكون له أي سبب، لكن لوحظ أن بعض الناس لديهم استعداد لمثل هذه النوبات.

بعد ذلك استمرت معك النوبات ولكن بصورة أخف ومختلفة، وهي أنه أصبح يأتيك نوع من الفكر الوسواسي، وهو أيضاً نوع من القلق النفسي.

الأعراض معظمها أعراض نفسوجسدية، والدوخة تمثل أحد الأعراض المصاحبة لنوبات الهلع والقلق، ولكن هذا التشويش الذي تحسه في الأذن اليسرى يجعلني أيضاً أفكر في أنه ربما يكون لديك علة بسيطة جدّاً في الأذن الداخلية أو في جهاز التوازن.

هذا الموضوع بسيط جدّاً فيما يخص الأذن الداخلية، فيمكن مقابلة طبيب الأنف والأذن والحنجرة، أو يمكنك الاكتفاء بتناول دواء يعرف باسم (بيتاسرك) وجرعته هي 16 مليجرام صباحاً ومساءً لمدة أسبوعين، ثم اجعلها 16 مليجرام يومياً لمدة أسبوعين آخرين.

الأمر المهم جدّاً والذي أريد أن ألفت نظرك إليه هو أن موضوع الترامدول، وهو حقيقة من الأدوية التي تؤدي إلى التعود والإدمان، وأنا أقول لك بكل تواضع لدي دراسات كثيرة جدّاً حول هذا الأمر، وهذا الدواء بكل أسف الآن أصبح يُساء استخدامه بصورة فظيعة، ومعظم مدمنو الأفيونات الهروين أصبحوا يستبدلون الهروين وغيره بالترامدول حين لا يتحصلون على الهروين أو لم يستطيعوا الالتزام والإيفاء بمتطلباته المالية العالية جدّاً.

إذن الترامدول دواء طبي لا ننكر ذلك، ولكنه خطير ويجب أن يُستعمل في نطاق ضيق، وأنا أنصحك أيها الفاضل الكريم بالتوقف عن تناوله، وأنا أعرف أن آثاره الانسحابية شديدة، ومنها الشعور بالدوخة والقلق والتوتر، أترك لك هذا الجانب وأرجو أن تتعامل معه بجدية كبيرة.

أيها الفاضل الكريم! أريد أن أصف لك بعض الأدوية التي تزيل القلق ونوبات الهرع وكذلك الوساوس، وذلك بجانب عقار بيتاسرك الذي نصحتك بتناوله حتى يزول التشويش الذي تحس به في أذنك، وتنتهي الدوخة إن شاء الله تعالى.

الدواء الذي أود أن أنصحك به يعرف تجارياً باسم (سبرالكس) واسمه العلمي هو (استالوبرام) أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرام، تناولها يومياً بعد الأكل، يمكنك أن تتناول هذا الدواء صباحاً أو مساء، إذا أحسست بأي نعاس أو استرخاء زائد في النهار فيفضل تناوله في المساء، استمر على هذه الجرعة لمدة شهرين، بعد ذلك ارفعها إلى عشرين مليجراماً يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجراماً يومياً لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها عشرة مليجرامات يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

بجانب السبرالكس هنالك دواء آخر يعرف تجارياً باسم (دوجماتيل) واسمه العلمي هو (سلبرايد) أرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراماً (كبسولة واحدة) في الصباح، تناولها يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذه أدوية مجربة وفاعلة وممتازة وسليمة وعليك الالتزام بتناولها حسب الوصف الذي ذكرناه لك، ونسأل الله تعالى أن يجعل لك فيها خيراً كثيراً.

أيها الفاضل الكريم! الرهاب والخوف والقلق دائماً يعالج من خلال التجاهل، من خلال أن تستفيد من وقتك بصورة جيدة، وأن لا تدع للفراغ مجالاً، أن تُكثر من التواصل الاجتماعي، أن تحدد أهدافك في الحياة وتسعى لتحقيقها.

أزعجني حقيقة بعض الشيء أنك لا تعمل، وأنت في هذه السن، سن الشباب، حيث الطاقات النفسية والجسدية والوجدانية، لابد أيها الفاضل الكريم أن تبحث عن عمل؛ لأن التأهيل عن طريق العمل هو أفضل وسيلة للتخلص من الطاقات النفسية السلبية، كما أنه يطور المهارات الوظائفية والاجتماعية والفكرية لدى الإنسان.

أنا أقدر ظروف فلسطين المحتلة، أسأل الله تعالى أن يحررها ويفك قيدها، ويزيل عنها المحتل، لكن بالرغم من هذه الظروف أريدك أن تبحث عن عمل حتى وإن كان عملاً لا يناسب مقدراتك كمرحلة أولية وبعد ذلك إن شاء الله تستطيع أن تتحصل على الوظيفة التي تناسبك.

أسأل الله لك العافية والشفاء، وأرجو أن تتناول الأدوية التي ذكرناها لك حسب ما هو مقرر، وأن تطبق ما ذكرناه لك، وكن حريصاً جدّاً على ممارسة الرياضة، فهي جيدة وممتازة وتساعد كثيراً في علاج مثل حالتك هذه.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً