السؤال
عمري أنا طفل 17سنة، توفي والدي بسكتة قلبية مفاجئة، وأنا الآن أتعذب منذ وفاته لا أعرف لماذا، ولكن لديّ إحساس بالموت، والكل يقول لي ما عندي أي مرض، والآن لم أجد من يطمئني، أحس بلحظات جد صعبة، وإيماني ضعيف، هذا ما يجعلني أكثر توتراً.
عمري أنا طفل 17سنة، توفي والدي بسكتة قلبية مفاجئة، وأنا الآن أتعذب منذ وفاته لا أعرف لماذا، ولكن لديّ إحساس بالموت، والكل يقول لي ما عندي أي مرض، والآن لم أجد من يطمئني، أحس بلحظات جد صعبة، وإيماني ضعيف، هذا ما يجعلني أكثر توتراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عباس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أنت لست بطفل، أنت -الحمد لله تعالى- في بدايات سن الشباب والرجولة، ربما يكون استعمال كلمة طفل في بلاد المغرب يُقصد به هذه المرحلة العمرية التي تمر بها، لكن عمومًا أيًّا كانت التسمية أو المقصود فأنا أقول لك أنك الحمد لله تعالى في عمر نعترف بأنه حلقة ضعيفة في حياة الإنسان، وفيه الكثير من التغيرات الفسيولوجية والنفسية والبيولوجية، لكن لا شك أنك على عتبات القوة والرجولة والطاقات النفسية والجسدية الإيجابية التي إذا استغللتها بصورة صحيحة سوف تستفيد كثيرًا.
نسأل الله تعالى لوالدك الرحمة والمغفرة، ولا شك أن الموت هو سبيل كل إنسان، ولا شك أن وفاة الوالدين صعب على النفس، لكن الإنسان يجب أن يرضى بذلك، وهي فرصة عظيمة لك لأن تدعو لوالدك بالرحمة والمغفرة، ولا شك أنه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، منها الولد الصالح الذي يدعو له، وأنت إن شاء الله من هؤلاء، احرص على الدعاء لوالدك، وصل من كان يصلهم، وهذا حقيقة يجعلك تحس فعلاً بقناعات أنك تُقدم لوالدك بعد أن ذهب من هذه الدنيا، أنك تقدم له أشياء طيبة وجميلة، وسوف تعود عليك بكثير من الرضى، هذا من الناحية النفسية.
أما بالنسبة للأحزان فهي طبيعية في حياة البشر، والحزن قد امتد حتى ستة أشهر، لكن الإنسان لابد أن يصبر نفسه، ولابد أن يكون هنالك نوع من الجلَد، لابد أن يكون هنالك إيمان قوي، وكما ذكرت لك الدعاء لوالدك، وأن تصل من كان يصلهم، أعتقد أن ذلك سوف يفيدك كثيرًا، وسوف يخرجك من هذه الحالة النفيسة الظرفية الطبيعية من وجهة نظري التي تمر بها.
نحن الآن أيضًا ندعوك، وننصحك من الناحية النفسية أن تُعد نفسك للحياة في غياب والدك، دائمًا توجد بدائل وحلول، وتوجد اتجاهات إيجابية في الحياة إذا نظم الإنسان وقته، وكانت له أهداف، ولا شك أن الدراسة يجب أن تكون من أهدافك الضرورية في هذه المرحلة، لأن سلاح العلم وسلاح الدين هما خير عون للإنسان في حياته، فكن حريصًا على ذلك.
أنصحك أن تتواصل مع الصالحين من الشباب، هذا إن شاء الله يساعدك على أمور الدين والدنيا، وأنت ذكرت أن إيمانك ضعيف، أنا لا أريدك أبدًا أن تنعت نفسك بهذا النعت، وأن تصف نفسك بهذه الصفة، كل شيء في الدنيا يزيد وينقص حتى الإيمان يزيد وينقص، هي لحظات من الكدر ولحظات من الحزن فرضت عليك مثل هذا النوع التفكير، لكن إن شاء الله تعالى بالرفقة الصالحة وبالحرص على أداء الصلوات الخمس في المسجد، وبالدعاء، وبالذكر، وتلاوة القرآن، سوف تجد أن الأمور قد تبدلت تمامًا، وأنك قد شعرت بالراحة والرضى إن شاء الله تعالى.
يجب أن تصر على نفسك بأن لا تهمل عباداتك، لا تجعل للشيطان سبيلاً، لا تدع له طريقًا أبدًا.
ونصيحة هامة هي: أن تضع خارطة يومية لإدارة الزمن، اكتبها، حدد: بعد أن أصلي الفجر سوف أقوم بكذا، وبعد ذلك سأذهب إلى المدرسة، ثم أحضر من المدرسة، وأرتاح قليلاً مثلاً، ثم أبدأ وأذاكر، ثم أمارس الرياضة، ثم أجلس مع أهل بيتي ... وهكذا، اجعل لنفسك برامج يومية تطبقها بصورة صارمة، هذه من أنجح ومن أفضل السبل التي تجعلك إن شاء الله تتخطى هذه المرحلة التي تمر بها.
هنالك شيء آخر: أنا لا أعتقد أنه توجد ضرورة حقيقية في حالتك لتناول الدواء، لكن إذا كانت هذه المشاعر - أي مشاعر الكدر والوسواس والقلق حول الموت - فلا مانع من أن تتناول دواءً سليما وبسيطا يعرف تجاريًا في المغرب باسم (ديروكسات)، ويعرف علميًا باسم (باروكستين)، يمكنك أن تتناوله بجرعة نصف حبة (عشرة مليجرام)، تناولها يوميًا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجلعها حبة كاملة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.