السؤال
السلام عليكم.
جزاكم الله كل خير على هذا الموقع, وكثر الله من فاعلي الخير أمثالكم, ويا له من خلق حميد أن تكون واقفا مع أناس لا تعرفهم.
الحقيقة أن مشكلتي كتب لها الكثيرون ممن يزورون موقعكم المبارك, وأنت يا دكتور محمد عبد العليم بارك الله فيك أملي بعد الله؛ للتخلص مما أنا فيه, حيث أنني أسكن في سوريا, والوضع المتأزم عندنا لا يسمح لي بزيارة أي طبيب, وثانيا لا أثق بأي طبيب في منطقتي, فمشكلتي ذات صلة دينية, والأطباء في المنطقة التي أسكن فيها معظمهم بعيدون عن هذه القضايا, لذا أرجو أن تقرأ مشكلتي بتمعن, وتصف لي دواء مناسبا, علما بأني لم أتناول أي دواء لها سابقا, وليتني أحصل على رقمك؛ لكي أكون مطمئنة بأني وصفت حالتي جيدا.
تتعلق مشكلتي بالوسواس القهري الفكري, حيث بدأ معي الأمر في سن الثامنة, بدأ في داخلي سب وشتم للمقدسات كلها, عذبني ذلك كثيرا, ولا أدري بعدها كيف ذهب الأمر, ولكنني أذكر دعواتي المتواصلة لله أن يذهب عني ذلك, وأن يسامحني عليه, ثم في عمر الثانية عشر مررت بفترة عصيبة للغاية, كآبة, وأفكار متضاربة حول الحياة, والجدوى منها, والمشكلة أنه في تلك المرحلة تشكلت لدي أفكار ثبتت ورسخت, حتى باتت جزء مما أتوقعه في حياتي.
فكرة أني قد أعيش طويلا تتعبني وتحزنني, وحتى الزواج بالنسبة
لي يخيفني؛ لأنه يعني إنجاب الأطفال, ويعني تقيدي بالحياة لأجلهم, والله أعلم أنها أفكار وأحاسيس جنونية, لكني لا أستطيع ضبطها, وبعد ذلك خف الأمر, ثم في المرحلة الثانوية عادت الأفكار لتهاجمني في ديني, وحياتي, ومعتقداتي, وآمالي, وحتى في دراستي التي كنت أتفوق بها, حتى كدت أن أترك المدرسة.
أما في الصف الثالث الثانوي فكانت تلك معركتي التي لا أنساها ما حييت, كم الوساوس, والأفكار, والضغط, والضيق الذي عشته لا يعلمه إلا الله, وهو وحده يعلم كم عدد الليالي التي لم أنمها في ذلك العام, ولكني حاربت أفكاري وضيقي بكل قوة, وأحرزت معدلا مرتفعا والحمد لله, لكن الأمر ترك نتائجه في جسدي.
فبدأت أعاني أحيانا أثناء النوم من رجفة مفاجئة, وأحيانا أستيقظ ليلا فترتسم أمامي كتل من الشعر متحركة, وأعاني من تسارع في ضربات القلب عندما أنام فترة الظهيرة بشكل عام, استمرت هذه الأعراض إلى هذا اليوم, تزيد و تنقص.
وضعي الحالي هو أنني أصبحت مقبلة على زواج, فيتقدم لخطبتي الشبان ظاهريا, وكل شيء ممتاز, أما في داخلي فلدي معاركي الخاصة, لا أريد أن أتزوج, وأنا أتناول أدوية لهذا المرض الوسواسي؛ لأني لا أريد لمن أرتبط به أن يعرف بمشكلتي هذه أصلا, وأخاف إن تزوجت أن أرتجف رجفة مفاجئة, أو أستيقظ نتيجة رؤيتي لبعض المشاهد والصور؛ فيسألني عن ذلك.
بالإضافة إلى أني لا أسيطر على بعض أفكاري, إذ إنني عندما أفكر بشيء ما أحيانا أجده يتكرر في خاطري, رغم رغبتي بالتوقف عن التفكير به.
وساوسي بما يتعلق بالذات الإلهية, والمقدسات؛ أصبحت لا تطاق, المشكلة أني اعتدت بعضها, والذي أخشاه أن بعض الأسئلة التي أفكر بها أصبحت منطقيا, وتحتاج إلى جواب, وأنا شارفت على الانتهاء من حفظ كتاب الله, ولا يخلو يوم لي من القرآن, ولا أستطيع التخلي عنه, وفي ذات الوقت كم التساؤلات, والأفكار, والكلام القذر في داخلي بات لا يحتمل.
أريد أن أصلي وأنا أشعر حقا بأن الله يسمعني, وأريد أن أقرأ القرآن وأنا أشعر حقا بأنه كلام الله, ولكني لا أستطيع ذلك, وفي رمضان وعندما نذهب للعمرة تزداد الحالة, والله الناس يشتاقون لزيارة الكعبة, أما أنا فأخاف من ذلك؛ لأن كآبتي ووساوسي في الحرم لا تطاق.
أشعر أن أفكاري مشتتة, ولا أريد الموت بإيمان ضعيف كهذا, وهناك أمر آخر وهو أني أشعر وكأني أكره الخير للناس, وهو مجرد إحساس داخلي, ولا أستطيع التخلص منه, إذ عندما يصيبهم مكروه أحزن لحزنهم, وعندما يموت أحد الصالحين أشعر بالضيق؛ لأنه سيذهب للجنة, وبالتأكيد لا أريده أن يذهب للنار, ولكني لا أعرف كيف أفسر هذه الأحاسيس المتضاربة.
المهم التفاصيل كثيرة, وأربد علاجا وحلا لمشكلتي, أشعر أني ضعيفة من الداخل للغاية, ويزعجني ذلك, أنا مستعدة لأخذ الدواء, ولكن أخشى أن يكون لتلك الأدوية أعراض جانبية.
أرجو أن تساعدني يا دكتور, فأنا على وشك أن أفقد صوابي, وأنتظر الرد بفارغ الصبر.