الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخوف من الصراع وتجنب النزاعات

السؤال

أعاني من بعض المشاكل الاجتماعية والنفسية، والتي تتلخص في الآتي:

- الخوف من الصراع أو النزاع، حيث أنني أتجنب الدخول في نزاعات أو نقاشات حادة مع زملائي في العمل، وكذلك مع الأصدقاء، وقد يكون ذلك راجعا لعدة أسباب، منها: لتجنب الغضب، الخوف من الفشل، أو الظهور بمظهر الأحمق، الخوف من الرد الفعلي السلبي للطرف الآخر، مع العلم بأنني في حال تناقشت مع أحدهم واحتد النقاش بيننا وأدى إلى إثارة غضبي، فإن هذا النقاش يترك شيئاً في نفسي، وآخذ النقاش على محمل شخصي.

- الخوف من إبداء الرأي: أخاف من المبادرة في تقديم الآراء، وأنتظر غالباً الآخرين أن يبدوا آراءهم قبل أن أبدي رأيي الشخصي، وقد يعود السبب إلى الخوف من الانتقاد، أو الخوف من الظهور بمظهر الأحمق، والخوف من الفشل.

- تدني تقدير الذات، أو ضعف الثقة بالنفس، أو كلاهما معاً، لا أستطيع التحديد إذا كان ما أعاني منه هو تدني تقدير الذات، أو ضعف الثقة في النفس، وهل الأول سبب في ظهور الثاني، أم العكس؟

- ضعف أو تدني تأكيد الذات Assertiveness: وما يدل على ذلك أنني في معظم الأحيان لا أطالب بحقوقي، أو قد أتنازل أحيانا عنها، وأجد صعوبة في التعبير عن مشاعري أو مطالبي، كذلك أتجنب طلب خدمة من أحد أو معروف.

- أعاني من الانطواء، ولكن ليس بدرجة شديدة، وأواجه مشكلة في التعرف على أصدقاء جدد، ولا أتكلم مع الغرباء بسهولة، ولا أحب الذهاب إلى المناسبات الاجتماعية أو العائلية، وعلى الرغم من ذلك أفضل الخروج مع أصدقائي، وأستمتع كثيراً معهم، علما بأن أصدقائي أعرفهم منذ أكثر من 12 سنة.

لا أعلم إذا كان أساس جميع هذه المشاكل هو ضعف الثقة بالنفس، أو العكس، فهذه المشاكل أدت إلى تدني شعور الثقة بالنفس، أرجو التكرم بتقديم النصيحة والاستشارة، ومن أين أبدأ للتغلب عليها، وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك على التواصل معنا.

يعاني كثير من الناس من الخوف أو الخجل والارتباك، وخاصة في الظروف غير العادية وغير المألوفة، وربما ضعف القدرة على الردّ والمواجهة في حال الانفعال أو الغضب أو الانزعاج، كما يحصل معك، ربما عندما يستثيرك أحد من الزملاء، فتجد نفسك غير قادر على الردّ على كلام المتهجم أو المعتدي، وقد تشعر بحالة من الشلل، وربما ضعف القدرة على اتخاذ قرار فيما عليك فعله في ذلك الموقف.

فما هو الحلّ؟

مما يفيد هنا أن تدرك طبيعة ما يجري أنها حالة من الانفعال العاطفي عندما تنفعل أو يُغضبك أحد الزملاء، وربما لهذا سببان، الأول: ربما موقف مررت به في الماضي البعيد أو القريب عندما أثارك إنسان ما، أو أغضبك، ومن ثم وجدت نفسك عاجزا عن الردّ أو اتخاذ موقف ما.

والسبب الثاني: أن حالة الانفعال هذه يرافقها عادة حالة من إفراز بعض الهرمونات الطبيعية في حالة الانفعال، مثل هرمون الأدرينالين، إلا أنه أحيانا قد يكون تأثيره من القوة وبحيث تصيب صاحبها بحالة من الشلل أو الجزع، وهي قد تأخذ عدة دقائق حتى يزول تأثير هذه الهرمونات.

مما يعينك بعد هذا الفهم، أن تأخذ بعض الوقت، ولو لدقائق، قبل أن تحاول الردّ على الشخص الذي أثارك، فهذا التباطؤ في الردّ سيعطيك فرصة لتستعيد هدوءك وتركيزك، ويعطي هذه الهرمونات بعض الوقت ليخفّ تأثيرها عليك وعلى عضلاتك وغيرها، وبشيء من التدريب والتدرّج ستجد نفسك أكثر جرأة وأقل ارتباكا في مواجهة الناس والدفاع عن حقوقك، ولكن حاول أن تتحلى ببعض الصبر، وستجد تغيّرا كبيرا، وفي وقت قصير -بعون الله-.

ربما ترددك هذا مردّه لبعض الخوف من المواقف الاجتماعية التي أشرت إليها، ولذلك فأنت تتجنبها وتبتعد عنها، وهذا التجنب والابتعاد لا يفيد، بل على العكس يجعل المشكلة أكثر تعقيدا، وتجد نفسك أكثر ضعفا وترددا، فحاول أن تشجع نفسك اجتماعيا بعدم تجنب اللقاءات والاجتماعات، فهذا سيزيد من ثقتك في نفسك.

ومما يمكن أن يعينك ويزيد من ثقتك وقدرتك أن تدخل ناديا رياضيا، وتمارس إحدى الرياضات، فهذا ليس فقط يرفع من قدراتك الجسمية، إلا أنه أيضا -وهذا هو الأهم- يعطيك ثقة كبيرة في نفسك، والذي تحدثت عنه في سؤالك.

وفقك الله، وحفظك من أي سوء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً