السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كيف أخاف الله كثيرا؟ وما هي أفضل طريقة لنيل الجنة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كيف أخاف الله كثيرا؟ وما هي أفضل طريقة لنيل الجنة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد الوادي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك ابننا الكريم، ونشكر لك هذا السؤال وهذا الحرص على الخير، ونحب أن نذكرك وأنفسنا بأن معرفة العظيم سبحانه وتعالى هي التي تبعث على الخوف منه والإجلال له والتعظيم له سبحانه وتعالى، وقال العظيم: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه} ولذلك المسلم ينبغي أن يتعرف على العظيم تبارك وتعالى بأسمائه وصفاته سبحانه وتعالى، ويستحضر عظمة هذا العظيم، مدبر هذه الأكوان، خالق هذه الأكوان، الذي يستحق أن يُعبد، ويسجد الناس له ويركعوا له سبحانه وتعالى.
لا يمكن للإنسان أن يستحضر هذا المعنى (الخوف من الله تبارك وتعالى) إلا إذا عرف الله حق المعرفة، لذلك أشد الناس خوفًا من الله هم الأنبياء، هم العلماء، هم الفضلاء، كما قال العظيم في كتابه: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} لأن العلماء هم أعرف الناس بالله تبارك وتعالى، وهم أعرف الناس بالله وقدرته وانتقامه ممن عصاه سبحانه وتعالى، وهم أعرف الناس برحمة الرحيم، هم أعرف الناس بصفات ربنا الجليل سبحانه وتعالى.
ولا شك أن الخوف مطلوب، فمن خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزلة، (ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة) كما جاء عن رسولنا -عليه صلاة ربي وسلامه-.
ورغم أن الخوف والرجاء من المؤمن ينبغي أن يكون بينهما نوع توازن، فالخوف والرجاء للمؤمن كالجناحين للطائر، لكن من مصلحة الإنسان في هذه الدنيا أن يغلِّب جرعة الخوف، لأنه إذا غلَّب هذه الجرعة فإنها تحركه وتحفزه وتدفع به إلى فعل الصالحات وإلى مراقبة رب الأرض والسموات سبحانه وتعالى، وإذا حضرت اللحظات الأخيرة من عمر الإنسان فإنها لحظات ينبغي أن تزيد فيها جرعات الرجاء، حتى يموت وهو يُحسن الظن بالله تبارك وتعالى، فالمؤمن بين خوف ورجاء، ولكن كما قلنا في أيام العافية وفي أزمنة الغفلات من مصلحة هذا الإنسان أن تزيد جرعات الخوف لتدفعه لمزيد من الإقبال على الله، ولمزيد من الحرص على طاعته سبحانه وتعالى.
أما السؤال الذي تسأل فيه عن الجنة، فكلنا يتمنى هذه الجنة، والجنة يدخلها الناس باتباعهم للرسول -صلى الله عليه وسلم– وبتقيدهم أحكام هذا الدين، والنبي -صلى الله عليه وسلم– يُعلنها واضحة: (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) بعد أن قال: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى) استغرب الصحابة وقالوا: مَن يأبى يا رسول الله؟ قال: (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) فإن الجنة حُفّت بالمكاره، والإنسان الذي يتغلب على الصعاب ليطيع رب الأرض والسموات، ينتصر على شهوته، ينتصر على هوى نفسه، ينتصر على نفسٍ أمّارة بالسوء، ينتصر على شياطين الإنس والجن ليُطيع الله تبارك وتعالى في المنشط والمكره وفي سائر أحواله، هذا الذي يسعى في طريقه إلى جنة الله وإلى رضوان الله تبارك وتعالى.
والجنة لا ينالها الإنسان بمجرد العمل، إلا إذا صحب ذلك الرجاء، إلا إذا صحب ذلك التوفيق من الله تبارك وتعالى، ولن يكون العمل عِوضًا للجنة، لذلك النبي -صلى الله عليه وسلم– يُبيّن هذا المعنى العظيم، والعظيم قال: {تلك الجنة التي أورثتموها بما كنت تعملون} يعني بسبب هذه الأعمال، لكن هذه الأعمال لا يمكن أن تكون عوضًا للجنة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (لن يدخل أحد الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا نبي الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته).
فالإنسان يعمل الصالحات ويرجو رحمة رب الأرض والسموات، ولذلك مدح الله الأخيار فقال: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون}.
فإذن المؤمن يعمل الصالحات ويتوكل على رب الأرض والسموات، ويتبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم– لأن الله ينبغي أن يُعبد بما شرع وكما شرع وعلمنا النبي -صلى الله عليه وسلم– فهو اتباع للنبي -صلى الله عليه وسلم– وقبل ذلك إخلاص لله فيما محبة، في حرص على أن يطيع ربه تبارك وتعالى، هذا الطريق الذي يوصل إلى الجنة، وضع لنا معالمه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو طريق كما قال ابن مسعود: (تركنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في أوله وآخره يوصل إلى جنة عرضها السموات والأرض، إنه صراط الله المستقيم الذي لا تفرق فيه ولا سبل) ولذلك هو طريق واحد، لكن للشياطين سبل وطرائق، وللفتن أبواب ودعاة يدعون إليها، فالذي يلزم السنة ويتبع النبي -عليه الصلاة والسلام– ويسير على هدى هذا الكتاب هو الذي يصل إلى جنة الله ورضوان الله بفضلٍ ومنّة ورحمةٍ من الله تبارك وتعالى.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونكرر شكرنا على هذا السؤال الرائع، ونسأل الله أن يثبتك ويسددك.