السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شكراً جزيلاً للقائمين على هذا الصرح العظيم، جزاهم الله خيراً .
حياتي لم تكن شيئاً سوى سلسلة من الندم، الندم أحرق قلبي وعذبني طول حياتي، ومن أسباب ندمي هو أنني طيبة القلب، الطيبة التي يقول لي الناس بأنني مَجبُولة على هذه الطيبة، ودائماً نيتي حسنة، وأسارع بالإحسان للناس حتى إذا تلقيت منهم عظيم الإساءة، وأغلب الذين فعلت لهم الخير في حياتي غدروا بي، وتعمدوا أذيتي وألحقوا بي الضرر وأحزنوني.
حتى أختي الكبرى التي عاملتها بالحسنى، وقدمت لها الخير والإحسان والتفريج والعون طيلة حياتي، ولم أسء لها قط، تسببت لي بالأذى والضر والشر كثيراً، ودائماً تتشمت بحالي، وأختي الأخرى التي تكبرني بسنوات تظن بي ظن السوء، وتؤذيني وتضرني وتنتقم مني بناء على ظن لا صحة له، وحتى إن بررت لها سوء ظنها فهي لن تصدقني، كيف تسمح لنفسها أن تسيء بي الظن؟ وأنا مسالمة وضعيفة ولم أضرها بشيء طيلة حياتي، ولم تر مني سوى الخير والطيبة والتقدير والإحسان والدعاء لها، هذا ما قتلني في الأمر: "سُوءُ الظَّنِّ بِالمُحسِنِ شَرُّ الإِثمِ وَأَقبَحُ الظُّلمِ".
لا أحد يقدر الخير الذي عملته ولا أحد يشعر بوجودي، أشعر بأنني أمر مثل الشبح في هذا العالم، وأحياناً أشعر بأنني شفافة لا أحد يراني.
أخواتي أنانيات ولا يشعرن بوجودي إلا إذا كن يردن مني مصلحة أو مالاً، أجلس طوال اليوم في غرفتي وحيدة وأجهش بالبكاء، ويمرن بالقرب من غرفتي ويسمعن بكائي، لكنهن لا يتكبدن عناء السؤال عن سبب بكائي، أنا لست بحاجة لهن إطلاقاً، لكنني نادمة فقط على صنع المعروف والخير الذي قدمته لهن، ووقوفي معهن في مصائبهن ومشاكلهن، ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ )، الله يكفيني ويغنيني عن القرب كله، وهو حسبي وكفى بالله حسيباً.
دائماً أعاهد نفسي أن أتوب عن عمل الخير مع الناس المنافقين الذين لا أعلم شيئاً عن حقيقتهم، لكنني أنخدع في ظواهرهم، ويتضح لي في نهاية المطاف أنهم أشرار، ويلحقون بي الأذى، مع أنني دائماً أخذ الحيطة والحذر من الناس، ولا آمن أحداً، ونبيهة، ومن الصعب استغفالي، لكن الذي يدمرني إحساني للناس، كيف أربي نفسي؟ كيف أسلم من الأخطاء وأنا أعاهد نفسي أن لا أكررها، ثم كالمجنونة أكرر ذات الأخطاء ولا أتعظ، وليس لدي أدنى فكرة عن السبب الذي يدفعني لتكرار نفس الأخطاء.
كل صديقاتي وبنات جيلي سعيدات في حياتهن وشبابهن، وأنا بينهن تعيسة ومكتئبة من كل شيء، وأشعر أن عمري مليون قرن بسبب التعب والوهن، لم أتهنَّ بشبابي، صديقاتي دائماً مظاهرهن جميلة وحسنة وأن بينهن كالزومبي، أتعجب من جيلي أنهن شغوفات بحب الحياة والعيش، وهن يتعجبن مني لإنني فاقدة الرغبة بكل شيء، ورغبتي بالموت تتضاعف كل ثانية، ولا أتمنى إلا الموت.