السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أخي الكبير عمره 34 سنة، يرفض الزواج خوفا وهروبا من تحمل المسؤولية، بدأت المشكلة بعد تخرجه من الجامعة، حيث حرص والدي على توظيفه؛ لمساعدته ليبدأ حياته والزواج، وقد كان والدي حريصا على أن لا يأخذ من أمواله، حتى يجمعها للزواج، لكن الأمر انعكس سلباً، فقد تعلم عدم الإحساس بالمسؤولية، والهروب منها.
توفي والدي بعدها، وقد فشل في كل محاولات إقناعه بالزواج، ثم بدأ أخي مشوار الوهم أنه يتحمل مسؤوليتنا، بالرغم أننا نعيش في بيت والدي، ونصرف من راتبه -رحمة الله عليه-، إلا بعض الكماليات التي يغطيها أحيانا.
لقد مضى 11 سنة على تخرجه، وهو في نفس الحال، بالرغم أنه يحصل على راتب شهري، وهو موظف حكومي، لكنه رفض الدخول في أي مشروع يساعده على الزواج، ويملك قطعة أرض، لكنه رفض البناء عليها، وكذلك رفض البناء فوق بيتنا ليتزوج ويسكن، ورفض إكمال مشواره التعليمي، كل عذره أنه لا يستطيع.
أخذ عدم الاستطاعة عذرا، رغم أنه عذر غير مقبول مع التخطيط والعمل، لكنه لا يزال يصر على الهروب، ويقول: إنه لن يتزوج، وإنه غير ملزم بحمل المسؤولية، ولا يريد هموم زوجة وأطفال، رغم أنه من وجهة نظري يتنافى مع الدين؛ لأن الدين يحث على تحمل المسؤولية، وما الرجولة إلا تحمل مسؤولية.
لم تنحصر المشكلة هنا، فلدي 4 أخوة هم أصغر من الكبير، وقد ظهر عليهم نفس النظرية، ونفس الفكرة، وهي عدم تحمل المسؤولية، واللامبالاة بالدراسة، بحجة أنهم لن يكملوا دراستهم، لأنهم لن يتزوجوا أيضا، وسيركنون للراحة.
مشكلة أخرى طرأت أيضا وهي الهروب من المجتمع المحيط، هروبا من النقد والسؤال، لماذا لم تتزوج إلى الآن؟ الانطواء أثر سلبا على شخصيته، فهو برغم سنه إلا أنه عصبي غير مستقر، متقلب المزاج، غير ناضج، وكل ذلك نتيجة للخمول والبعد عن المجتمع، ونتيجة عدم تحمل المسؤولية، التي تعلم الإنسان الصبر، لكننا لا نستطيع التفاهم معه؛ بسبب شخصيته وعصبيته، وأيضا إصراره على رأيه.
كما أنني كأخت له، صرت أستحي من ذكر أنه أكبر مني، لكي لا أدخل في دوامة الأسئلة، لماذا لا يتزوج؟ لأنني أجد في نفسي حرجا من عجزه ومن هروبة من تحمل المسئؤلية، وأتحاشى قول أن لي أخاً أكبر مني، أذكر الصغار دائما فقط دون ذكر الكبار.
نظرة مجتمعنا نظرة شبهة لمن يرفض الزواج، لم يكن أبي هكذا سلبيا عاجزا هاربا من المسؤولية، فقد كان أبي صبورا جسورا على تحمل المسؤولية، عانى في حياته، لكنه تزوج وبنى نفسه من الصفر، وأتحسر أن لدي أخوة عاجزين هكذا، عاجزين عقليا، لا يملكون الهمة حتى في تطوير أنفسهم، وقراءة الكتب.
ما رأي الشرع في هكذا شباب؟ وأريد رسالة توجه له لعله يسمع ويحسب الأمور بميزان التوازن، وكيف أتعامل مع بقية إخوتي، لكي لا يسيروا في نفس المشوار، ويبقى كلهم عاجزين، ولكي لا تنتشر الرذيلة، لأن الزواج عفاف، وهم لا يريدون إعفاف أنفسهم بالحلال؟ وجزاكم الله خيرا.