السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ 7 أيام أنهيت دراسة الثانوية -ولله الحمد- بتقدير مرتفع يؤهلني لدخول جميع التخصصات، أصبت بالحيرة الشديدة منذ مدة، وحتى قبل التخرج تجاه التخصص الذي سأكرس الجهد والوقت والعمر في دراسته، بل وتساءلت وما زلت أتساءل ما إن كان ما تعلمت وما سأتعلم علمًا نافعًا، أنا أؤمن بضرورة التعلم، ولكن أشعر بالإحباط الشديد لدرجة أنني أشعر بأنني سألتحق بالجامعة فقط لإرضاء من هم حولي، ولمسايرة نمط حياة الفرد في القرن الحادي والعشرين، فمثلَا أنا أحب الفيزياء، وأحب الرياضيات وأستمتع بدراستهما، وأسعد بمواجهة المسائل التي تصعب علي، ولكنني أيضَا أرى بأني لا أنمي من قدراتي العقلية سوى زيادة السرعة في حساب الأرقام، والإلمام أكثر فأكثر بالرموز، ومعرفة طرق حل أكثر تعقيدًا وكأني رافع أثقال، لا شيء سوى زيادة الحمل، فأشعر حقًا بأن هذا ليس بعلم، وإنما مجرد حرفة كمن كان حدادًا، أو رامي سهام في الماضي.
أشعر بالحزن عندما لا أستطيع التفريق بين الخطأ والصواب في أبسط الأمور، أعلم بأن الفتن كثيرة وتزداد بالاستمرار، فما فائدة أن أكرس عقلي وعمري وجهدي في تخصصات كتلك؟ إن سايرت نمط الحياة السطحي فسأخصص الخمس سنوات القادمة في دراسة هندسة الكهرباء، أو هندسة البرمجيات، وإن اتبعت هواي فلن أدخل الجامعة، فمثلًا بمناسبة الإجازة بدأت بتعلم بعض العلوم البسيطة التي أشعر بأن نفسي قبل تعلمها لا تستوي مع نفسي بعد تعلمها، فمثلًا بدأت بحفظ القرآن، وتعلم علوم اللغة العربية التي ستساعدني في فهم القرآن، وقراءة كتب تتعلق بالعقيدة، ودراسة سيرة الرسول وتاريخ اليهود؛ لأن تعلم التاريخ يزيد الإنسان حكمة، وللتسلية تعلم رسم الخرائط، والاستدلال بالنجوم، وأساسيات الكهرباء والتفاضل والتكامل.
سؤالي ما هو المفهوم الصحيح للعلم النافع؟ وهل من الصواب أن أفكر هكذا؟ ولا تخبروني بأن أتخصص بالعلوم الشرعية، أو التاريخ، أو حتى اللغة العربية؛ لأن عائلتي تقف بيني وبين ذلك، كما أنني لا أريد أن أعمل فقط لخدمة الناس كالطبيب، أو المبرمج، وإنما أريد تعلم ما يقيني من الفتن ويحول بيني وبين أي فكر ضال.
أعلم بأني أفكر بشكل خاطئ، ولكن لا أعلم ما هو الصواب؟ فهل من نصيحة؟