الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع إبداء مشاعري وأتحفظ في إظهارها لمن أتعامل معهم!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجوكم ساعدوني، لا أعرف كيف أميز مشاعري أو ما الذي أشعر به! أنا من النوع الكتوم جدًّا، لا أعبر عن مشاعري ولا عن أفكاري أو معتقداتي لأي أحد؛ خوفًا من أن لا يفهم شعوري بالضبط، أو يفسر كلامي بطريقة خاطئة؛ لذلك أحب أن أكون مستمعة، وإذا طُلب مني أن أعبر عما يجول في خاطري، أتوتر كثيرًا، ولا أقول كل شيء، ولا أوضحه بشكل كافٍ.

أنا حذرة مع الجميع، ولا أثق كثيرًا، وأشعر بالتبلد واللامبالاة، وأصمت في المواقف التي تتطلب مني الكلام، ولا أعبر عن مشاعري حتى بالبكاء، وأجد في نفسي تناقضًا كبيرًا.

أحب التفاعل ومساعدة الناس، وأبادر كثيرًا، وأستمع لمشاكلهم، ويجدونني جديرة بالثقة دائماً، لكنني لا أستطيع أن أجد حلاً لمشاكلي.

لا أعرف إذا كنت أمر بحالة اكتئاب؛ لأنه بعد وفاة أمي -رحمها الله- لم أستطع البكاء، وإن بكيت، بكيت بصمت. أشعر بندم وخيبة عميقة، لكنني أتظاهر بالرضا، وأعتقد أن البيئة والنشأة هما سبب كل هذا.

أنا جدًّا متقلبة المزاج بشكل حاد، وباردة تجاه كل شيء حتى في الصدمات العاطفية، وشغوفة لكنني متكاسلة. لا أحب أن أرى أي شخص، سواءً من العائلة أو صديقاتي، وإن ذهبت إليهم أشعر بثقل في قلبي، لا أريد أن أسمع شيئًا، أو أرى أو أسأل عن أحد، وأحب أن أكون مع نفسي دوماً.

مشكلتي أني أحب الوضوح مع أني غامضة، فمثلاً: أحب أن يقول لي شخص رأيه عني بكل صراحة، أو يطرح مشكلته معي بكل وضوح وشفافية، ولا أحب المجاملة.

كان كل شيء على ما يرام، وأستطيع أن أتحمله حتى لو كان ثقيلاً على قلبي، وأستطيع أن أتعايش معه، لكن بعد وفاة أمي التي كانت مثل روحي، أصبحت لا أريد شيئًا، وأشعر بأني فارغة.

أنا جدًّا مشوشة، ولا أتذكر وأنسى بسرعة، حتى وأنا أتكلم في اللحظة نفسها لا أستوعب بسرعة!

لا أتناول الطعام إلَّا قليلاً؛ لأن لدي عسر هضم وقولوناً عصبياً، وقد كشفت عن سبب النقصان في الوزن وكانت النتيجة سليمة.

أحب أن أتعلم أشياء جديدة، واكتفيت من التعرف على ناس جدد. أنا من النوع الانطوائي الاجتماعي، وحساسة؛ لكن لا أحب أن أظهر هذه الصفة أمام الناس، وأنام لساعات طويلة، وأشعر بالملل بسرعة تجاه أي شيء، وأفكر كثيرًا حتى في أتفه الأشياء، وأتخذ القرارات ببطء.

أرجوكم أريد أن أميز مشاعري، هل أمر بفترة اكتئاب متوسط أم ماذا؟ شكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فواضح من استشارتكِ – أختي الكريمة – أن مشكلة الإفصاح عن مشاعركِ موجودة معكِ منذ فترة، وربما أصبحت جزءًا من شخصيتكِ، أو قد ترسخت كجزء من شخصيتكِ، وهي عدم القدرة على إبداء المشاعر وكتمها والتحفُّظ في إظهارها للأشخاص الذين تتعاملين معهم.

وهناك الكثير من الأشخاص الذين يمتلكون هذا النمط من الشخصية –أختي الكريمة- وقد يكون هذا ناتجًا عن التربية في الصِّغر، إذ لم يُسمح لهم في صغرهم بالتعبير عن مشاعرهم بحرية، بل كانوا يُمنعون من ذلك باستمرار؛ ونتيجة لذلك، ينشؤون وهم يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم.

أمر آخر جدير بالذكر: الشخص الصريح الذي لا يستطيع أن يُخفي مشاعره الحقيقية - خاصةً إذا كانت مشاعر جارحة - يُسبِّب له مشاكل في التعامل مع الآخرين؛ لذلك قد يصل إلى قناعة بضرورة إخفاء هذه المشاعر، على الرغم من أن كل الناس لا يقبلون دائمًا الوضوح والصراحة والمباشرة في الحياة.

على أي حال – أختي الكريمة – يمكن تغيير هذا الأمر، ولكن تغييره لا يتحقق إلَّا من خلال العلاج النفسي المطول مع معالج نفسي متخصص.

وحسب المعلومات الواردة في استشارتكِ، لا أظن أن ما تعانين منه هو أعراض اكتئاب نفسي، بل أرى أنه جزء من شخصيتكِ يحتاج إلى تغيير من خلال العلاج النفسي، وهو ما يتطلب عدة جلسات وفترة من الوقت.

وفقكِ الله وسدد خطاكِ.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً