الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الضلالات الفكرية التخيلية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من الذهان منذ سبع سنوات، وأراجع العيادة النفسية وأتعالج بالدواء، وخلال تلك السنوات، أقوم بتغيير الدواء كل فترة، وقد تحسنت عن السنوات السابقة، لكني أعاني من ضلالات فكرية؛ إذ أتخيل في مفكرة الجوال أني أتحدث للمباحث كتابةً فقط، وأتخيل المشاهير، وأن أهلي من الجن، وأعيش في ضلالات الحب تجاه المشاهير، وأني أم المهدي، وأني يتيمة، وأن أهلي ليسوا بأهلي. وأنا ما بين الشك بصحة هذه الأفكار وأنها غير صحيحة، وإن كنت أقرب للثانية.

أتناول دواء (لابريكس) و(فيكسال إكس آر)، وقد خففت جرعة اللابريكس ١٠ مليجرام منذ ثلاثة أسابيع باستشارة الأخصائية؛ وذلك لكثرة النوم، وحالتي ثابتة لا يوجد انتكاس ولا تحسن.

هل أستمر على نفس الدواء؟ وكيف أعرف أني تحسنت؟ وما مدى شدة حالتي وخطورتها؟ وهل يمكنني التوقف عن الدواء بعد الشفاء؟ حيث إن الأخصائية أخبرتني بعكس ذلك؛ لأن المرض مزمن، فهل هذا صحيح؟

وجزاكم الله خيرًا، ووفقكم لما يحبه ويرضاه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جودي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

مسمَّى الضلالات حقيقة هي ترجمة سخيفة وليست دقيقة، وإن شاء الله أنت لا تُوجد عندك ضلالات، ولا شيء من هذه الأمراض النفسية عندك، فأنتِ بخير وعلى خير -إن شاء الله تعالى-.

وهذا المصطلح (الضلالات) أو (الوهم والتخيلات - delusion) يشير إلى الاعتقادات الخاطئة التي يتمسك بها الشخص بقناعة تامة، ولا يقبل التشكيك فيها، ويعتبرها من المسلَّمات، بالرغم أنها تكون غريبة ومستحيلة في الواقع، ومتناقضة مع المنطق. تُعتبر الضلالات والوهم والتخيلات مرضًا خطيرًا لأن المصابين به يُصرون على معتقداتهم غير الصحيحة؛ ممَّا قد يدفعهم إلى ارتكاب أعمال عنف وتخريب دفاعًا عن أفكارهم.

ما تظنين أنه ضلالات مجرد أفكار ظنانية، وأعتقد أن حالتك فيها شيء من الطابع الوسواسي أيضًا، والذي طمأنني هو أنكِ مُدركة لطبيعة هذه الأفكار وأنها أفكار غير واقعية وغير طبيعية، وهذا يدلُّ على أنكِ مرتبطة بالواقع، وأنكِ على درجة عالية جدًّا من الاستبصار، وهذا أحد مقاييس ومعايير التحسُّن لدينا.

أيتها الفاضلة الكريمة: أريدكِ أن تكوني فَطِنة وحصيفة وكيِّسة بألَّا تتوقفي عن تناول الدواء، هذه الأفكار الظنانية في أغلب الظن العلمي ناتجة من شيء من اضطراب بعض المواد الكيميائية الدماغية، ويأتي على رأسها مادة تُسمَّى بـ (الدوبامين)، فإذًا الاستمرارية في تناول الدواء أمرٌ جيد؛ لأنه سوف يُحافظ على هذه المواد الكيميائية بصورة سليمة.

والأدوية يمكن أن تُختصر جدًّا، مثلاً إذا كان مستوى النعاس لديكِ عاليًا فتواصلي مع طبيب يمكن أن ينقلكِ إلى دواء مثل الـ (اريبيبرازول - Aripiprazole)، فهو دواء رائع جدًّا، حبة واحدة في اليوم قد تكفيكِ تمامًا، ودواء مثل الـ (إنفيجا) قد يكون أيضًا بجرعة حبة واحدة تكفي في اليوم؛ فالحمد لله تعالى الآن الطب تقدَّم جدًّا، وأصبح الأمر سهلاً جدًّا.

وأعتقد أن تناولكِ لأحد مضادات الوساوس سوف يُساعدكِ، جرعة صغيرة من عقار (فلوكستين) والذي يُسمَّى تجاريًا (بروزاك - prozac) أراها سوف تكون مفيدة جدًّا لكِ.

هذه مقترحاتي، وهذه هي رؤياي حول حالتكِ، والبشارات -إن شاء الله تعالى- أكثر من المُحبطات، فعيشي بقوة، بأمل، برجاء، وطوّري نفسكِ، اقرئي، ابدئي في مشروع حفظٍ للقرآن، اجعلي لنفسكِ كينونة، ولا تُعاملي نفسكِ كمعاملة شخصٍ مُعاقٍ أو ناقصٍ، فأنتِ لستِ مُعاقة أبدًا، هو مجرد ابتلاء بسيط، ولكِ -إن شاء الله تعالى- ثواب الآخرة وثواب الدنيا كذلك، وأريدكِ أن تُحافظي على علاجكِ، وأرجو أيضًا أن تكوني نشطة على مستوى الأسرة، أثبتي ذاتكِ، شاركي في أعمال المنزل، ساعدي الوالدة، اهتمي بأمر برّ والديكِ وإخوتكِ، اقرئي، اطلعي، وحافظي على الصلاة في وقتها، والنوم في وقته؛ هكذا تكون الحياة.

بارك الله فيكِ، وجزاكِ الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً