الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرهقني وسواس النظافة وكثرة غسل اليدين، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشعر أنني ربما أعاني من وسواس، والله أعلم، فعند غسل يدي، أجد نفسي أكرر الغسل عدة مرات، وأُصرّ على غسل ما بين الأصابع بدقة، وأُحدد عددًا معينًا للغسل حسب ما لمسته، مثلًا: إذا لمست لعابًا أو مخاط الأنف، أجدني أغسل يدي خمس مرات، وهكذا مع باقي الأشياء.

أريد أن أعرف طريقة عملية للتخلص من هذا السلوك المرهق دون اللجوء إلى الأدوية، أرغب في التوقف عن عدّ مرات الغسل والتخلص من هذا التكرار، فقد أتعبني كثيرًا وأثر على حياتي.

أرجو منكم إفادتي، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تقوى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في موقع إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

ما تعانين منه هو نوع من الطقوس الوسواسية، ويبدو أن لديك وساوس تتعلق بالخوف من الأوساخ والنجاسات والقاذورات، وربما الجراثيم أيضًا، خاصةً بحكم عملك في المختبرات الطبية.

أيتها الفاضلة الكريمة: المبدأ الأساسي في علاج الوسواس هو تحقير الفكرة الوسواسية تمامًا، وعدم الانصياع لها أو الدخول في دوامة الغسل المتكرر، يجب ألا يزيد عدد مرات الغسل عن ثلاث بأي حال من الأحوال، بل من الأفضل أن تعودي نفسك على غسلتين فقط، ولا شك أن ذلك سيُسبب لك شيئًا من القلق في البداية، لكن بالصبر والمثابرة وتجنّب الإفراط في الغسل، ستعيشين -بإذن الله تعالى- حياة طبيعية.

كما أنصحك بتطبيق بعض التمارين السلوكية العلاجية، مثل أن تقومي بلمس أسفل حذائك بيدك، ثم تضعي يديك معًا حتى تنتقل الأوساخ -التي تتوهمين وجودها- من يد إلى أخرى، وبعد ذلك اغسلي يديك غسلتين فقط وبشكل سريع، ويمكنك تكرار هذا التمرين باستخدام مصادر أخرى تُعدّينها ملوثة، مع الالتزام بغسل معتدل ومعقول.

الهدف من هذا التمرين هو التعرض مع منع الاستجابة الوسواسية، أي أن تعرضي نفسك لما تخافين منه، مع كسر دائرة الوسواس بعدم الاستجابة له بشكل مبالغ فيه.

وربما يكون من المفيد أيضًا تناول علاج دوائي لفترة قصيرة؛ لأن الوسواس القهري -مهما كان مكتسبًا- فله جانب كيميائي في الدماغ يسهم في ظهوره، كما أن عمرك يجعلنا نخشى من تطور الحالة إلى اكتئاب إذا لم يتم التعامل معها مبكرًا، لا تقلقي من هذا، فهي مجرد معلومات طبية موثوقة أحببت أن أشاركك بها.

إذا قررتِ استخدام الدواء، فأفضل خيار هو عقار "فافرين - Faverin"، ويُعرف علميًا باسم "فلوفوكسامين - Fluvoxamine"، ويؤخذ بجرعة 50 ملغ يوميًا لمدة 10 أيام، ثم تُرفع الجرعة إلى 100 ملغ ليلاً لمدة شهرين، ثم تُخفّض إلى 50 ملغ يوميًا لمدة 10 أيام، وبعدها 50 ملغ يومًا بعد يوم لمدة 10 أيام أخرى، ثم يتم التوقف عن الدواء.

مدة العلاج قصيرة، والجرعة صغيرة مقارنة بالجرعة القصوى (التي قد تصل إلى 300 ملغ يوميًا)، لكنك -بإذن الله- لست بحاجة لتلك الجرعات العالية.

ويُستحسن أن تطبقي تمارين الاسترخاء بعد جلسات التعرض ومنع الاستجابة، وأفضلها تمارين التنفس العميق المتدرج، ويمكنك تعلمها بسهولة من خلال مقاطع الفيديو المنتشرة على يوتيوب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً