السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور/ محمد عبد العليم -وفقه الله-.
أود إفادتكم بوضع علاقاتي الاجتماعية قبل تناول الأدوية: انقطعت عن حضور المناسبات لسنوات، حتى المناسبات التي تُقام في بيتنا لم أكن أحضرها، وأتذرع بالنوم أو الانشغال، وعزفت كذلك عن الاجتماع الأسري مع الوالد وإخوتي، كانت علاقاتي بشكل عام قليلة جدًا لكنها موجودة، إذ كان لدي عدد قليل من الأصدقاء بشكل منفرد، بمعنى أنني كنت أجتمع مع كل شخص لوحده، وليس مع المجموعة.
أذكر في إحدى المرات أنني ذهبت مع صديقي، وعندما وصلنا اتصل اثنان من إخوانه يرغبان بمقابلته، فوصَف لهما المكان، لم أكن أعرفهما، وعند وصولهما شعرت بالارتباك، ولم أتمكن من التفاعل معهما، لدرجة أنني لم أكن أعي ما يقولانه جيدًا، حتى نظر أحدهما إلى أخيه وأشار نحوي مبتسمًا، فشعرت حينها أن لدي مشكلة واضحة، صدمت وفقدت شعوري بمن حولي، وغرقت في أفكاري، فسألني صديقي: ماذا بك؟ فطلبت منه إرجاعي إلى البيت، رغم أن المسافة بعيدة جدًا، لكنني لم أستطع إكمال الجلسة بسبب التعب.
مثل هذا الموقف تكرر معي كثيرًا، ومن يعرفني كان يستغرب ويسألني: ما الذي حصل لك؟
بعد تناول الأدوية قطعت جميع علاقاتي السابقة، وأصبحت أفضل العزلة، وانعدمت مشاعري تجاه زملائي السابقين، ولم أعد أشعر بالشوق إليهم، حتى أنني قابلت الكثير منهم بالصدفة، واستقبلوني بكل حفاوة وترحيب، لكنهم لم يجدوا مني التفاعل الإيجابي أو المشاعر الطيبة، أشعر بأنني لا أشعر بالشوق تجاه أحد.
حتى لو حاولت أن أزرع مشاعر طيبة وأتواصل معهم فإني لا أستطيع تعميق العلاقة، لأن الناس سوف تسألني عن عملي وحياتي، وأنا لا أحب ذلك، لا أرغب في أن يعلموا أنني بدون عمل، ولا زواج، ولا علاقات، ويكتشفوا حالتي.
- حول الصلاة في المسجد:
منذ تحسن حالتي مع الدواء قبل 11 سنة، نشطت في أداء العبادات، لكنني لا أصلي في المسجد القريب، بسبب طول فترة انقطاعي عنه، أخشى من السؤال عن سبب غيابي، لذلك أذهب إلى مساجد أخرى لا يعرفني فيها أحد، وإذا صليت في مسجد وحصل لي موقف، ولو كان بسيطًا، أتركه وأخاف من العودة إليه، وأصلي في مسجد آخر، وهكذا.
أما المشكلة الأخرى: فهي أنني أعاني من مخاوف من مواجهة الناس، سواء كانوا يعرفونني أو لا، فكلما كانوا يعرفونني، تزداد المخاوف بشكل كبير، لذا، أتجنب لقاء أقاربي وجيراني وجماعة المسجد، وحتى في بيتي أعتزل في غرفتي.
- حول الوضع الأسري:
نحن أربعة أبناء وجميعنا نفضل العزلة بشكل كبير، ونتجنب جميع الاجتماعات، حتى تلك التي تقام في منزلنا، كل واحد منا يظل في غرفته، بينما يبقى الوالدان بمفردهما في الصالة، ولا يوجد تواصل أو تراحم أو كلام طيب بيننا، وتصرخ أمي على أبنائها فقط؛ لأنها تشعر بالضغط؛ نتيجة لمرض الوالد وتعبها، بالإضافة إلى عدم قدرتها على تحمل أعمال المنزل بمفردها، فضلًا عن وضع أبنائها وعدم تقدمهم في الحياة.
أريد منكم التشخيص الصحيح والدقيق لحالتي، حتى أتمكن من تحديد المشكلة، والعمل على حلها، لأن الأطباء اختلفوا في التشخيص. فهل لدي اكتئاب، أم رهاب اجتماعي، أم شخصيتي تجنبية؟
أفيدوني: هل يمكنني الشفاء والعودة بشكل طبيعي إلى الحياة؟ أو التحسن على الأقل في بعض الجوانب، مثل: القدرة على العمل والزواج؟ لأنني إذا كنت سأبذل مجهودًا كبيرًا ووقتًا طويلاً من أجل نتيجة بسيطة لا تؤثر، فأنا سأكتفي بالتعايش مع وضعي الحالي، وأشغل نفسي بأهدافي الخاصة، مع العزلة التامة، كما هو الحال منذ 8 سنوات.
وأود الاستفسار: هل يمكن أن يتحول الرهاب الاجتماعي إلى كره الناس؟ فأنا بعد تناول الأدوية أصبحت أشعر بعدم الاهتمام بالناس، مما أدى إلى قطع علاقاتي وعدم التواصل.
على سبيل المثال، شخص ما كان يعرفني قبل تناول الأدوية، أتى وسلم علي بحفاوة، لكنني لا أشعر بشيء تجاهه، أشعر بهبوط نفسي ولا أستطيع أن أبادله التحية بحفاوة، وألاحظ الصدمة التي يشعر بها بسبب ذلك، وهذا يحدث كثيرًا، أشعر أن المتوقع مني شيء ولكن ما يحصل أقل بكثير.
كيف يمكنني بناء ثقتي من جديد؟ وهل يجب العمل على تقبل الذات أولاً، ثم تقدير الذات، ثم الثقة بالنفس؟ وهل الاكتئاب يسبب احتقار الذات، أم أن الرهاب هو السبب؟
وشكرًا.