الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من صعوبات طفولتي التي أثرت على حياتي سلبًا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 18 سنة، في مرحلة الدراسة الثانوية، أعاني الكثير في حياتي، من ضمنه التفكير في الماضي، والخوف الشديد من المستقبل، وأيضًا أشعر كأني أختلف عن جميع الفتيات في المنطق والأفكار، وأشعر بالكثير من الوسواس في التفكير، وتخطر لي أفكار غريبة تجعلني أصاب بالتوتر، خاصةً في حياتي الشخصية.

لا يمكنني التخلص من صعوبات طفولتي التي سيطرت على حياتي سلبًا، وأحيانًا أشعر أني غير طبيعية جدًّا، وأني متناقضة في كل شيء، لا يمكنني السيطرة على نفسي، وحين أقع في مشكلة كبيرة أحاسب نفسي؛ لدرجة لا يمكنني الاستمرار دون ورود هذه الأفكار على نفسي، وأفكار غربية أخرى تأتيني تكون أحيانًا شيطانية، لا أعرف ماذا أفعل؟

لا يمكنني معرفة شخصيتي والسيطرة على حياتي، وعندما تزداد حالتي سوءًا وبسب غضبي الزائد بدأتُ أتكلم مع نفسي جدًّا، لدرجة لا يمكنني مشاركة أي شيءٍ مع أي أحد؛ لكون أفكاري مع نفسي فقط؛ لأني أشعر أنه لا أحد يفهمني، وبدأت في تلك الفترة كأني أتكلم مع قرينٍ يطلب مني كثير الأشياء والأفعال الخاطئة، ولكني لا أعلم هل من المعقول أني أتكلم مع قرين، أم أنّ هذا نسج من الخيال؟

حياتي في تخبط وعدم انتظام، وأكثر الناس قُربًا مني يقولون إنني أعاني من خلل في العقل، وتصرفاتي غير طبيعية وغير اعتيادية!

كما أشعر في بعض الأحيان بالتقليل من نفسي، وأني غير واثقة، وأحيانًا أخرى أشعر أن ثقتي كبيرة وتجعلني أفعل أشياء غريبة، ألاحظها على نفسي، ومشاعر تجاه الأشخاص، الذين مهما كنت أحبهم يختفي كل شيء بمجرد الابتعاد عنهم.

أعاني من اضطرابات نفسية تؤثر سلبًا على حياتي.

شكرًا لكم، وأتمنى الإجابة على عجل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ فاطمة .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، والذي من الأكيد لم يكن سهلًا عليك كتابته، خاصةً أنك تحتفظين بالأفكار التي تأتيك، وقلَّما تشاركيها أحدًا، فنشكرك على ثقتك بهذا الموقع وعلى الكتابة إلينا بما تشعرين به.

أختي الفاضلة: لا شك أن تجارب الطفولة الماضية -والتي ذكرت أنها كانت صعبة وشديدة عليك- لها تأثير على ما أنت عليه الآن، وهذه التجربة السابقة تجعلك تخافين من التفكير في الماضي، أو حتى التطلع إلى المستقبل.

بُنيتي: ربما هناك أكثر من احتمال لما تعانين منه، وأنا أقرأ تفاصيل سؤالك الذي لاح لي أنكِ تعانين من أفكارٍ وسواسية، مناقضةً لما أنت عليه، مُزعجة لك؛ لأنها لا تنسجم مع أفكارك ومع شخصيتك، حتى أنك وصفتها بأنها أفكار غريبة أو شيطانية.

بُنيتي: مَن يعاني من الوسواس القهري يمكن أن تأتيه أفكار غريبة جدًّا عنه، مناقضةً لما يعتقده، سواء في الجانب الديني أو غيره، فإذا كان هذا ما تشعرين به، وبأن الأفكار الوسواسية هذه تأتي دون إرادة منك، وإنما تفرض نفسها عليك؛ فاطمئني أن هذا اضطراب نفسي معروف، وهو الوسواس القهري؛ حيث تأتي هذه الأفكار المزعجة دون إرادة من الإنسان، والتي يمكن أن تؤثر على كامل حياته. هذا الاحتمال الأول.

الاحتمال الثاني: أن هناك حالة ذهانية تجعلك تفكرين بكل هذه المواضيع، وخاصةً أنك ذكرتِ أنك بدأت تتحدثين مع نفسك، أحيانًا هذا الأمر يمكن أن يكون مجرد عادة، بأن يتحدث الإنسان مع نفسه، خاصةً مع وجود الوسواس القهري الشديد، ولكن أحيانًا ربما يكون هذا الحديث الشخصي مؤشرًا على حالة ذهانية، وطالما أنك في الثامنة عشرة من العمر؛ فأنصحك وبشدة بأن تعرضي نفسك على الطبيب النفسي؛ حيث تعيشين في العراق، ليقوم بفحص الحالة النفسية، ومن ثم يؤكد أو ينفي التشخيص، وبالتالي سيصف لك الخطة العلاجية، سواء كان علاجًا دوائيًا أو علاجًا نفسيًا عن طريق جلسات مع أخصائية نفسية، أو كليهما معاً.

أنصحك (بنيتي) بهذا، وخاصةً أن أسرتك القريبة منك قالوا لك وبوضوح من أنك تعانين من خلل ما... ما هو؟ من الصعب علينا دون المقابلة الشخصية أن نحدد طبيعة الأمر الذي تعانين منه.

لذلك أنصحك بأن لا تترددي أو تتخوفي من استشارة الطبيب النفسي، وكما يقال: (ما خاب من استشار).

أنصحك بهذا، وخاصةً أنك في الثامنة عشرة من عمرك، ومهما كانت الحالة النفسية التي تعانين منها؛ فبإذن الله عز وجل لها علاج، لتُكملي حياتك بالطريقة التي تحبينها، وتُكملي دراستك، لتتخصصين بالأمر الذي تتطلعين إليه، داعيًا الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً