الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سرقت مالا من جدي وجدتي، فكيف أتوب عن ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب أبلغ من العمر 27 سنة، منذ أول مراهقتي، أي عندما كنت بالغا كنت آخذ أموالا من عند جدي وجدتي، واختلفت قيمة المال من كبيرة بعض الشيء إلى صغيرة -حسب حاجتي- طوال 15 سنة، واستعملتها لأغراض عدة: أكل مع أصدقاء، لبس، وهدايا... وإلخ، ورغم علمي بأنه حرام عند الله لكني لم أحسب أن التوبة تستوجب أن أرد الحقوق إلى أهلها، وأنهم يوم الحساب سيأخذون من حسناتي إن لم أردها لهم في الدنيا.

عندما علمت بهذا عذبني ضميري عذابا شديدا، وطلبت المغفرة من الله، وذهبت إلى جدي واعتذرت له واعترفت، فسامحني في الدنيا والآخرة، وأخبرته بنيتي في ترجيع الأموال فرفض، وقلت له إني سأردها لجدتي فرفض، وقال هي لا تملك مصدرا للمال وكل أموالها من عندي، وأنا سامحت، وخفت أن لا يجوز له أو يحق له أن يسامح عنها ما صار ملكا لها، وخفت أن يكون تصرفا بالعاطفة؛ لأنه يعلم أني لا أملك أموالا.

سؤالي هو: هل يجب أن أعتذر لها شخصيا من هذا حتى يحل لي ما أخذت؟ وهل طلب العفو يعني أني اخترت الحل الأسهل لكي لا أرد الأموال وقد لا يقبل الله توبتي؟

وآخر سؤال: مع هذه التوبة هل سيقبل الله دعائي أو لا؟ حتى أنظف بطني من المال الحرام!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- في موقعنا، ونسأل الله أن يتولاك بحفظه، وأن يوفقك إلى كل خير، والجواب على ما ذكرت:

- بداية أحيي فيك مسارعتك إلى التوبة مما كان في الماضي، وأحيي فيك شجاعتك على الاعتراف بذنبك وحرصك على إرجاع الحقوق إلى أهلك، فأبشر بخير فأنت على خير عظيم.

- ومن جانب آخر فبما أنك اعتذرت لجدك وقبل اعتذارك وعفا عنك عما كان من أخذ من ماله، فهذا كاف في حقه، والاعتذار وطلب المسامحة هو أول الطريق في طلب العفو، وأنت كنت على استعداد إلى إعادة ما أخذت، ولكن جدك رفض ذلك، ومع هذا اجتهد أن تهدي لجدك أشياء يحبها حتى تطيب نفسك أكثر، وأبشر فإن الله لن يؤاخذك بعد هذا، ولن تعاقب على هذا الذنب؛ لأنك تبت إلى الله وسامحك صاحب الحق وعفا عنك، "فالتوبة تهدم ما كان قبلها" كما ثبت في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي رواه مسلم، فأرجو أن تكون مطمئنا ولا تحمل أي هم، واستأنف حياتك بشكل طبيعي، وكأنك لم تقع في الذنب قبل هذا.

- وأما بخصوص جدتك فالذي أراه مناسبا أن تخصها أيضا باعتذار، ولا تأخذ بوجهة نظر جدك؛ لأن المال إذا كان في حوزتها فهو ملك لها سواء أعطي لها من جدك أو غيره، فالواجب عليك أن تعتذر منها أيضا وتطلب منها المسامحة، ولا بأس أن تجعل في يدك هدية أو شيئا من المال، تهديها لها حتى تعفو عنك، فهي أكثر حاجة إلى المال من غيرها، وتكون أنت أديت ما عليك من واجب إرجاع الحقوق إلى أهلها.

- وأخيراً إذا تبت إلى الله توبة نصوحا وأرجعت الحقوق إلى أهلها، فإن الذنب يمحى عليك، ولم يبق في ذمتك شيء، وإن شاء الله يقبل الله توبتك، ويقبل دعاءك، فأبشر بخير بارك الله فيك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • اليمن مختار

    لاحول ولا قوه إلا بالله اللهم ثباتنا

  • الجزائر جابر عثرات الكرام

    انا مثلك اقسم بالله يأست الله يهديني وبإذن راح اتغلب على الشيطان الرجيم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات