السؤال
دكتوري الفاضل:
أود منك إيجاد حل لمشكلتي التي تؤرقني ليل نهار، وهي خوفي من والدي، الذي أدّى إلى شعوري بالكراهية له، وكأنه شبح بالنسبة لي، مع أنه في الفترة الأخيرة تحسنت معاملته معنا وأصبح يحترمنا، ولكن بعد ماذا؟ بعد فوات الأوان، فكيف يطالبني الآن -بعد أن تجاوزت العشرين من عمري، وتأصلت فكرة الخوف لدي، وبعد أن تغيرت حالته ونفسيته بعد تقاعده- يطالبني بالمحبة له والكلام معه وعدم الحياء منه.
فأنا في كثير من الأحيان أتجنب الجلوس معه، وأشعر بخوف شديد طول مدة جلوسي معه، وإذا ركبت معه في السيارة وحدي، أشعر بهلع وخوف وارتباك شديد، وأشعر كأنه شخص غريب، فأنا أتحدث مع خالي والرجال الغرباء الذين لا أعرفهم أكثر منه، ولا أشعر بذلك الشعور الذي أشعره عند تعاملي معه، ومع أنه يفرح إذا جلسنا معه، لكن إذا جلست معه لا أتحدث أبداً، وإذا استلزم الأمر رددت على أسئلته بنعم أو لا فقط.
وهو يسأل أمي دائماً: لماذا لايتحدثون معي؟ لماذا يصمتون بمجرد دخولي عليهم؟ لماذا يقومون من المجلس إذا أتيت؟ لماذا يتركون الأكل إذا كانو يأكلون إذا دخلت عليهم؟ لماذا ولماذا، أسئلة كثيرة يتساءل عنها ولا يجد إجابتها، وما علم أن إجابتها بيده.
فبعد أن كبر به السن واحتاج لأبنائه أن يقفوا معه ويساندوه، وجدهم على العكس مبتعدين عنه، وبيننا وبينه فجوة كبيرة لا يمكن أن أصفها، فهو كالشبح بالنسبة لي، وليس بوالد لي، مع العلم أنه لم يضربني في حياتي، إلا أني أخشى غضبه وسبه وصراخه، فأنا إذا سمعت أي صوت عالٍ ينتابني شعور بالخوف، مما تولّد عنه أزمة نفسية تنتابني دائماً، فلم أشعر بمشاعر الأمان لا مع أبي ولا مع أمي.
وأعتقد أن من الأسباب التي أدّت إلى ذلك، إهماله لي في صغري، وإبتعاده عنا، والوقت القصير الذي يمكثه معنا يكون ممزوجاً بالصراخ والعصبية والسب والشتم والتهكم والسخرية، ولكن والحمد لله الآن ذهبت عصبيته قليلاً، وأصبح قريباً من الله أكثر من قبل، وقريبا من أمي كذلك أكثر من قبل.
ومن الأضرار التي سببها والدي لي، عدم ثقتي بنفسي، وشعوري بالقلق دائماً، وعدم قدرتي على اتخاذ القرار، فأشعر أني محطمة نفسياً، فحاولت كثيراً في علاج ما أنا فيه، ولكن لم أستطع، فقرأت العديد من الكتب عن الثقة بالنفس، واستمعت إلى العديد من البرامج النفسية، ولكن دون جدوى، فالمشكلة راسخة في أعماقي، ولا أجد حلاً لها.
لذا أتردد كثيراً من الإقدام على الحياة الزوجية، خوفاً من أن أفشل فيها، لأني محطمة نفسياً، فكيف أعطي شخصاً آخر الأمان وأنا أفتقده؟ وكيف أعطي أبنائي الأمان والحب وأنا أفتقده؟ وفاقد الشيء لا يعطيه، فأنا أتعذب بصورة شبه يومية.
فأرجو منكم المسارعة بحل مشكلتي التي حطمت حياتي، ولا أريد منكم أن تقولوا لي: اذهبي إلى عيادة نفسية، لأنني لا أستطيع من ناحية المواصلات، ولا من الناحية المادية، ولا من ظروفي العائلية، ولا أريد كلاماً نظرياً لا يفيدني بشيء، فلولا ثقتي بالله ثم فيكم لما كتبت مشكلتي، ولا بحت لكم عما في خاطري من هموم لا يعلمها إلا الله سبحانه ثم أنتم، فكم ترددت بالكتابة لكم، ولكن عقدت العزم وكتبت، والله المستعان.
معذرة على الإطالة والركاكة في الأسلوب، واضطراب الأفكار، وشكر الله سعيكم.