الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المصائب تلاحقني ومشكلة أمي وزوجتي لم أجد لها حلاً!

السؤال

زوجتي وأهلي سيئون، ولدي منها بنت، وقد أساءت زوجتي وأهلها في مشكلة لأمي بشكل سيئ، وسبوا أمي! والآن أمي رافضة رفضًا قاطعًا أي صلح مهما كان، وحلفت يمينًا أنها لن تقبلها مرة أخرى، وأنه يجب أن أختار بينها وبين زوجتي.

بالنسبة لزوجتي وأهلها، لم يبادروا بأي شيءٍ حتى الآن بالاعتذار لأمي، أو محاولة رد اعتبارها، وهم فقط يطلبون مني إرجاع زوجتي وابنتي دون التطرق إلى أمي، ولا يريدون الاعتذار منها.

كان شرطي أن تعتذر زوجتي ووالدتها لأمي أولًا، ولكن المشكلة أن أمي رافضة هذه الفكرة نهائيًا ولن تتقبلها، ولن تقبل عودتها أبدًا.

الآن لا أعرف ماذا أفعل، وأنا أعلم أنهم سيئون وقد أخطؤوا بحقنا، وحق أمي، أفكر في إعطاء فرصة، ولكنهم لم ينفذوا طلبي، أو يحاولوا ذلك، فقط طلبهم هو أن آخذ زوجتي وابنتي، مع طلبهم دفع نفقة فترة بقائهم عندهم.

أرجو إعطائي الحل، علمًا أن أمي ضحت من أجلي في مواقف كثيرة، وبما تملك من مال وذهب، وحلفت أنه إذا علمت أني ذهبت إليهم، لن أكون ابنها، ولن تكون أمي. ما الحل أرجوكم؟

من جهة أخرى دينيًا، هل لو ذهبت إليهم دون علم أمي أعتبر عاصيًا ومذنبًا؛ لأن أمي ضحت بكل ما تملك وصحتها من أجلي؟

المصائب والمشاكل والنكبات الثقيلة تصيبني دائمًا في حياتي، وحظي يبدو سيئًا، لا أدري ما سبب كل تلك المصائب التي أغرقتني في حياتي! كلما انتهيت من واحدة، تقع واحدة أكبر منها، وأحيانًا ما زالت التي قبلها لم تنتهِ بعد! حياتي تدمرت، خسرت أموالي، وعملي، وزوجتي، وكل ما أملك، وكل ذلك بدون أن أعلم السبب، وكأنني مسير في حياتي، الأسرة كلها مشاكل، وأمراض، وتعب، ونكد، ولا توجد سعادة، وكل ذلك يحدث بدون إرادتنا.

ما تفسيركم لذلك؟ بالرغم أنني إنسان صالح، أصلي، وأصوم، وأعمل كل ما يرضي الله، وأخلاقي طيبة، ولا أزكي نفسي، فلماذا كل ذلك؟ وماذا أفعل؟ أشعر أنني ضائع ومدمر، وغرقت في بحر المصائب الذي لا يتوقف والمؤامرات. هل هذا يمكن أن يكون وراءه أحد، أو سبب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، ويرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به، فاسمح لنا أن نقسم سؤالك إلى قسمين:

أولاً: ما سبب المصائب التي تلاحقك واحدة تلو الأخرى.
ثانياً: ما الطريقة الصحيحة للتعامل مع مسألة زوجتك وأمك.

أولاً: اعلم -أخي الكريم- أن هذه الدار دار ابتلاء، الله خلقنا ليبتلينا حتى يظهر المؤمن من غيره، والصادق من الكاذب؛ وعليه، فلن تجد أحداً في الدنيا خالياً من المشاكل والمصائب، لكن كل مبتلى يظن أن بلاءه أعظم البلاء وأشده، ولو كلف نفسه، وذهب إلى الطوارئ يوماً واحداً، ورأى من يعاني مرضاً لا علاج له، أو من يعاني المرض، ولا ثمن للداوء، أو من يتمنى بتر قدميه حتى يتخلص من الألم، ووو.. لعلم قطعاً أنه بالنسبة لهم في عافية.

2- أنت أحد رجلين عند نزول البلاء:
- إما طائع، فهذا دليل خير، الله يرفعك به درجات في الجنة عند الصبر، وتذكر ساعتها أن أشد الناس بلاء هم الأنبياء، ثم من يشابههم، فاحمد الله تعالى، وتذكر أن البلاء لا يزال بالعبد المؤمن حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة.
- أو عاصٍ، فهذا دليل على أنها عقوبة وساعتها عليك أن تصطلح مع الله تعالى، وتبدأ بالاقتراب منه.

ثانياً: دائمًا ما نقول لمن يحدثنا عن مشكلة بين أمه وزوجته: أطع أمك ولا تظلم زوجتك، وهذه هي القاعدة التي يجب أن نسير عليها في حياتنا، لكن عندك أمر زائد:
- أمك هي المظلومة.
- أهل الزوجة وزوجتك هم المخطئون.
- أهل الزوجة والزوجة رافضون حتى مجرد الاعتذار.
- الوالدة أقسمت على عدم عودتهم.

هذه الأربعة توجب علينا أن نقول لك افعل ما يلي:

1- كن بجوار أمك، وبين لها أنك لن تخرج عن طوعها وعن كلامها، وأنك لن تعود لزوجتك ما دام قلبكِ أنت منكسراً.
2- وسِّط بعض الصالحين أن يتدخلوا في الموضوع مع أهل زوجتك، وأن يقنعوهم بضرورة الاعتذار، فإن قبلوا فوسِّط بعض من تحبهم والدتك من أهل الدين والصلاح أن يتدخلوا للإصلاح حتى تعود البنت إلى أبيها، المهم أن يحدث كل هذا وأنت بعيد.

وأخيراً: لا ننصحك أن تذهب إلى زوجتك والحال هكذا، فهي كما ذكرت أخطأت في حق أمك، ورافضة حتى الاعتذار، وذهابك اليوم ربما يقوي موقفهم، ويجرُك إلى صفهم في مواجهة أمك، وهي لم تفعل شيئاً.

لكن في المقابل أرسل لها المال الواجب في ذمتك، ولا تتحدث عنها بسوء، واجعل حبل الود قائماً من دون زيارتك لها حتى يستقيم الوضع.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يصلح زوجك، وأن يردها سالمةً غانمةً لك، والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً