الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب الميراث حرمت أمي من رؤية جدتي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندي استفسار بخصوص موضوع الميراث.

ترك خالي -رحمه الله، وغفر له- أموالاً، وبيتًا، ومقهى، وأملاكًا أخرى، وبعد وفاته أخذت زوجته نصيبها وذهبت، ولم يرزق بأبناء، وترك أمًا، وأخًا، وثلاث أخوات، والأم لم ترد تقسيم التركة، وطلبت من البنات التنازل لأخيهم، ولكنهم لم يرضوا، وتركوا هذا الأمر لأكثر من 30 سنةً، حتى مرضت جدتي، ووهن عظمها، فبدأ خالي هذا يضغط على أمي وأخواتها من أجل التنازل، أو الحرمان من رؤية أمهم، وعند الاتصال لا نجد أي رد، ولا يفتح لنا الباب للدخول ورؤيتها، حتى وصلت لآخر أيامها، وأخذوها للمستشفى، وفقدت الوعي، حتى أن الطبيب طلب حضور أبنائها، ولكن تم إبلاغه بأن طلبها أنها لا تريد رؤيتنا، حتى توفاها الله، ونزل علينا الخبر كالصاعقة، ثم ذهبنا للمستشفى، وألقينا عليها النظرة الأخيرة.

لقد كانت أمي أقرب بناتها لها، وأكثرهم طاعةً، ومحبةً، كما أن أمي فقدت إحدى عينيها حين جاءت جدتي تشتكي من ابنها، فقد كان عاقًا لها، فهل تكون أمي بذلك آثمةً؟

بوركتم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لكم حرصكم على تجنُّب المعاصي، وتجاوز حدود الله تعالى، ونسأل الله تعالى أن يغفر لجدّتك، ويُسكنها فسيح جنّاته.

وأمَّا هل تؤثم أُمّك بهذه القطيعة التي حصلت بينها وبين أُمِّها أو لا تؤثم؟ فجوابُه:

إن هذا بحسب قُدرتها على التواصل معها حال حياتها، فإذا لم تكن قد قصّرت، وبذلت ما تستطيعه من الوسائل للتواصل مع أُمِّها، ولو بالاتصال، وغير ذلك، ولم تتمكّن، فهي غير آثمة؛ لأن الله تعالى لا يُكلِّف نفسًا إلَّا وسعها، وقد قال الله تعالى: {لا يكلِّف الله نفسًا إلَّا ما آتاها}، وقال: {فاتقوا الله ما استطعتم}، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم).

فإن كانت حاولت التواصل مع أُمِّها، والقيام ببرِّها، ولكنّها مُنعت من ذلك، فلا إثم عليها، وينبغي لها أن تُكثر من الاستغفار، وأنتم كذلك، أن تُكثروا من الاستغفار لهذه الجدَّة؛ فإن الاستغفار والدعاء لها ينفعها -بإذن الله تعالى-، وهو نوع من البِرّ بها، والإحسان إليها بعد موتها.

وأمَّا إن كانت الأُمّ قد قصّرت في التواصل، أو تركت ما تستطيعه من الأدوات، فإنها تأثم بذلك، ولكن التوبة تمحو هذا الذنب، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، فالندم على فعل هذا الذنب، والعزم على عدم الوقوع في مثله في المستقبل، مع تركه، هذه هي التوبة التي يقبلها الله تعالى، ويمحو بها ذنب صاحبها.

ولا إثم على أُمّك، ولا على خالاتك في عدم التنازل عن حصتهنَّ من الميراث، والإثم على مَن اعتدى، ومنع زيارة جدّتك لبناتها، أو زيارة بناتها لها، ليصل إلى هذا التنازل، فالإثم عليه، ولا إثم على أُمِّك، ولا خالاتك لهذا السبب.

نسأل الله تعالى أن يعفو عن الجميع، وينبغي أن تُنصح أُمك وخالاتك بمحاولة البر والإحسان إلى جدّتك بعد وفاتها، بالدعاء لها والاستغفار لها؛ فإن هذا من البرّ بعد الموت، كما جاء به الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وفقكم الله لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً