الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تركني خطيبي بعد اكتشافه مشاهدتي للأفلام الإباحية، ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت فتاة طيبة تقية حتى تعرفت على شاب أحببته كثيرًا، وبقيت معه 5 سنوات، ثم خطبني، وكنا نمارس الحرام عبر الهاتف، وقد علم أني أشاهد الأفلام الإباحية، ووصفني بأوصاف بشعة، ثم تركني، وقد ندمت كثيرًا، ولا أريد أن أخسر مَن أحببته بهذه الدرجة، وأصبحت حياتي مظلمة، وأعيش في اكتئاب، وأريد الانتحار، أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يغفر لك، وأن يعفو عليك، وأن يرزقك التوبة الصادقة والثبات عليها، إنه ولي ذلك ومولاه.

أختنا الكريمة: ما الذي فعلتيه بنفسك وأنت الفتاة التي أصلها طيب، وسيرتها حسنة؟ كيف تخرجين من عباءة طُهرك وصلاحك، وتفعلين هذه المحرمات طيلة هذه الأعوام؟ كيف جعلت الله أهون الناظرين إليك فلم ترقبيه ولم تخشي غضبه؟

أختنا: لقد أذنبت ذنباً كبيرًا في حق نفسك، ووالدك، ووالدتك، وإخوانك، وأهلك أجمعين، وقبل ذلك في حق تدينك، أخطأت وسترك الله تعالى سنين طوالا، ولعلك تدركين جيدًّا صعوبة الحال لو كشف الله ستره عنك، فاحمدي الله أولًا على الستر، وأقبلي على الله بتوبة صادقة، توبة مبناها على طلب العفو من الله، غايتها رضوان الله، فهذا أول الطريق لتصحيح ما أنت فيه، فإن (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، و(كل بني آدم خطّاء وخير الخطّائين التوّابون) كما قال ﷺ.

أختنا: دعينا نقول لك وبصراحة: إن الدراسات التي بين أيدينا والواقع الذي نعيشه من خلال الرسائل التي تأتينا، تفضي بأن الزواج المبني على مثل تلك العلاقات لا يستمر، والعقبات فيه كثيرة، والرجل إن تزوج الفتاة التي كان يصاحبها قبل الزواج يظل دائماً متشككاً في سلوكها، ينظر إليها نظرة الخائنة، وهو لن يصرح بالخيانة قبل الزواج، سيصرح بها بعد الزواج، وبعض أخواتنا تحولت حياتهنَّ إلى جحيم لا يُطاق بعد الزواج بسبب الشكوك الدائمة من الزوج فيها، مع أن بعضهنَّ لم تكن لها هفوة ولا غلطة إلَّا مع زوجها، ولكن الزوج بعد الزواج لا يراها إلَّا في صورة الخائنة.

أختنا: سنخبرك الآن بواقعة حدثت مع شاب تقدم إلى فتاة وعقد قرانها، واشترط والدها عليه ألَّا تخرج معه بعد عقد القران حتى يتزوج، ووافق الشاب، ثم بعد فترة أراد أن يخرج معها -وهي زوجته شرعًا بالعقد، لكنه لم يدخل بها- فحدَّثها، فرفضت، فلمَّا رفضت الفتاة أراد أن ينتصر لنفسه، فقرر الطلاق إن لم تقابله، فاضطرت الفتاة إلى مقابتله خارج البيت دون علم والدها حتى يهدأ الزوج، وكان اللقاء كما يقول الزوج في مكان عام وليس فيه أي مخالفات، إلَّا أن المفاجأة أنه راسلنا نحن بعد الزواج قائلاً: إنه منذ أن تزوج وهو يعيش حياة الخوف، إنه يخاف أن تخونه زوجته، ويقول لنا: (من خانت أباها وهو الذي رباها منذ صغرها لماذا لا تخون زوجها؟).

انظري -أختنا- إلى حاله وحالها، هما في حكم الشرع متزوجان، ومع ذلك ضخَّم وكبَّر الشيطان له بعد الزواج ما حدث، ووسوس له بأمر الطلاق، وفسَّر له أنها خائنة، فكيف والحال معك أنت أختنا الفاضلة؟

أختنا: إننا ننصحك بما يلي، فإن فعلت سَلِم دينك وسلمت حياتك:

أولًا: اعلمي أن الزواج رزق مقسوم، فلو كان هذا الشاب مقدراً لك الزواج منه سيكون، وإن كانت الأخرى فلن يكون، تلك أقدار الله الماضية، اجعلي هذه قاعدة الانطلاق عندك.

ثانيًا: أعلنيها توبة لله خالصة، واجعلي من تمام توبتك الانقطاع عن كل معصية كنت عليها قبل ذلك، ونرجو أن تدخلي على موقعنا لتعرفي الوسائل التي تعينك على تجاوز هذا الذنب.

ثالثًا: اقطعي تواصلك تمامًا مع هذا الخاطب، وكأنه لم يكن، نريد أن تصل إليه رسالة مفادها أنك تبتِ إلى الله ممَّا كنت عليه، ولم تسمحِي بعد اليوم لأحد بالتلاعب بك، لا نريدها رسالة نصية، ولا حديثية، بل اقطعي تواصلك معه وفوراً.

رابعاً: اعلمي أن الشاب أحد اثنين:
- إمَّا أنه حسم أمره بعدم الزواج منك -وهذا وارد بنسبة كبيرة- وعند ذلك أنت بذلك تحفظين كرامتك وتدينك، ولم تنخرطي وتدخلي في مشكلة كبيرة، لأن بعض الفتيات إذا ما حدث معها ذلك تظل تتصل على الشاب وتعرض وتفرض نفسها عليه، وقد تتنازل على أشياء أكبر، ظنًّا منها أنه بذلك سيعود، وفي هذه الحالة تخسر نفسها أكثر، ولن تربح الشاب الذي يحتقرها من داخله.

- وإمَّا أنه قرر العودة، لكنه يريد أن يعطيك درسًا، وهنا سيدرك توبتك وصدقك، وسيعلم أن توبتك لله هي مَن حَجبَتْكِ عنه؛ وهذا سيضعف نزعات ووساوس الشيطان إن حدث زواج بعد ذلك.

خامساً: إننا نرجو لك أختنا ولكل أختٍ أن تتزوج من رجل لم ترتكب معه المعصية، لا هاتفيًا ولا غير ذلك؛ لأن هذا أدوم للعشرة وأحفظ للأسرة؛ ولهذا نرجو منك الآن طي صفحة هذا الشاب من حياتك مطلقاً، والإقبال على الله طلبًا لمرضاته، فإن أذهبه الله عنك فهو الخير لك، ولعلَّ الله نجاك من مصيبة وقعت فيها بعض أخواتنا، وإن أتاك فإننا نطلب منك التريث وعدم القبول السريع حتى تصله رسالة واضحة بتوبتك، وتصلك رسالة واضحة بأن الرجل قد تجاوز هذه المرحلة.

سادساً: إن قدَّر الله وعاد الشاب فلا تسمحي بأي تجاوز مطلقًا ولو يسيرًا، وتذكري كلامنا السابق أعلاه، وإن لم يُقدِّر الله عودته، فاعملي أن هذا هو الخير لك، واحمدي الله على السلامة، وإن أتاك بعدها خاطب فاحذري أن تخبريه بما كان منك، بل احذري أن تخبري كائنًا من كان بما حدث معك، الواجب هو الستر، كما نوصيك بأخذ العبرة مما مضى، وعدم تكرار ذلك.

نسأل الله أن يعفو عنك، وأن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً