الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت أكره زوجي بسبب استغلاله المادي لي، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا متزوجة بعد قصة حب، ووضع أهلي المادي أفضل من وضع زوجي منذ أيام الخطبة، زوجي يطلب مني أن أشتري الهدايا التي يُقدمها عندما يأتي إلى زيارة أهلي، أو هدايا لعيد الأم، أو يطلب مني أن أحضر له الطعام أو العطور، وعندما لا أستجيب يبدأ بأن يقول أنني لم أعد أحبه، حتى من مكان عملي يطلب مني أن يأخذ الأشياء مجانًا، وأنا أدفع من مالي، وإذا لم أدفع يسمعني كلامًا جارحًا.

بعد الزواج لم يتحمل أي مسؤولية مالية تجاهي، لا تكاليف الطبيب، ولا الملابس، ولا حتى الطعام، وإذا أحضر شيئًا يكون نادرًا، مثل وجبة طلبتُها، يفعل ذلك بمنّة ويقول إنها بلا طعم، وفي نفس الوقت يطلب أغراضًا لنفسه دون أن يعطيني أي نقود.

أنا الآن حامل، وبدأ يتحدث عن مصروف الطفل، قائلًا: إن والدته هي التي ستجلب له الاحتياجات، ولا يحتفظ بأي أموال في البيت، بل يضعها جميعًا خارجه، ودائمًا يشتكي من المصروف، وأحيانًا يغضب ويقول لي إنه لا يعرف كم أكسب، أو كيف أنفق.

أنا كرهت حياتي معه، وأشعر أنني يجب أن أطلب الطلاق، لكنني غير قادرة على اتخاذ القرار، والآن يُفكر في أن نسافر، لكن لدي عملي هنا الذي أعيش منه، وهناك سأكون تحت رحمته تمامًا.

لا أعرف ما القرار الذي يجب أن أتخذه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Farah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك حُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُعينك على تجاوز هذه الصعوبات، ونسأله تبارك وتعالى أن يهدي زوجك ليعرف ما عليه من حقوق شرعية، ويهديه لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

أرجو أن يعلم زوجك وكل زوج أن الأصل في الإنفاق على الرجل {لينفق ذو سعةٍ من سعته} كما قال ربنا العظيم سبحانه وتعالى، وتخطئ بناتنا أحيانًا عندما يعوّدن الرجل الإنفاق عليه، والصرف نيابةً عنه، والمجيء بأغراض المنزل؛ لأن بعض الرجال بعد ذلك ينسحب ويُقصّر في هذا الجانب، وينسى أن هذا من الواجبات الشرعية، حتى ولو كانت الزوجة غنيّة، فلا يجوز أن يأخذ من مالها إلَّا بطيب نفسٍ منها.

ولكن نحن نريد أن تنظري للموضوع نظرةً شاملةً، فإذا كانت هذه السلبيات التي ذُكرتْ –ونحن نُقِرُّ بأنها سلبيات–، فما هي إيجابيات هذا الرجل؟ ما هي الجوانب التي ينبغي أن تُعرض حتى تكتمل أمامك وأمامنا الصورة؟

فإذا ذكرت الإنسان بما فيه من السلبيات، فتذكري ما عنده من الإيجابيات، واجتهدي في تحميله بعض المسؤولية، وهذا قد يحتاج لبعض الوقت، وقد يحتاج إلى أن تتدرّجي معه، ونتمنَّى أن يكون في مجيء هذا الطفل دافعًا جديدًا له في أن يقوم ببعض المسؤوليات، وبعض المهام التي يُعينك بها.

ولا ننصح بالسفر إلى مكان أنت لا تأمنين فيه على نفسك من الإنفاق، وهو لا يتعوّد المسؤوليات، فحاولوا أن توفقي بين المحافظة على وظيفتك، ومصدر دخلك وبين الاستمرار مع هذا الزوج، مع السعي في إصلاح وتصحيح هذا الجانب، بمعنى: أن هذا الجانب لابد أن نصحّحه فيه ولو بالتدريج؛ لأنه فعلاً يحتاج إلى بعض الوقت، عوّديه أن يبذل، عوّديه أن يُساهم ويُنفق بما يستطيعه، ولا مانع من أن تُكملي النقص بعد ذلك، أمَّا أن يترك المصروف كاملاً عليك، فهذا ليس من المصلحة، وأيضًا يدلُّ على أنه لا يقوم بالواجب الشرعي بالنسبة له.

نتمنَّى أن تُديري هذا الموضوع وهذا الخلاف بمنتهى الحكمة، وأنت أعرف بمصلحتك، ودائمًا القرار الصحيح هو القرار الذي يُبنى على نظرة شاملة، ويُبنى على تفتيت للمشكلة إلى أجزاء، ويُبنى على النظر في مآلات الأمور، وتأمُّل الخيارات البديلة في حال الرغبة في الخروج من هذه الحياة، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير، ثم يُرضيك به.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً