الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أود الاستقلال عن أمي في بيت منفصل تجنبًا للمشاكل، فهل فعلي صحيح؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوج، وعندي ولد، وأمر بمشكلة قد تكون بسبب ذنب بيني وبين الله.

قبل زواجي كانت أمي ترفض زوجتي لسبب تافه، وذلك أن النساء قالت لها إن هذه الزوجة ثقيلة في شؤون البيت، وأنا لما ذهبت لأخطبها لم يكن بها عيب، وإنما رأيت وسمعت عنها الدين، والخلق، والستر، فخطبتها وتزوجتها، وبعدها رزقنا بولد، ثم تبين أن زوجتي مصابة بسحر، وله علاقة بأهلها.

في يوم من الأيام قالت لي أمي: إنهم لم يخبرونا بمرضها، والآن لديكم هذا الولد، ومن خلال هذه الكلمات كأنها تقول لي: لو لم ترزقوا به لأمرتك بأن تطلقها.

بعد مرور الوقت حصلت مشكلة صغيرة، فقامت أمي بطرد زوجتي من البيت، واتهمتها بأنها لا تقوم بشؤون البيت جيدًا، وأنها تريد أن يكون لها بيت مستقل. لاحظت أن كلمات أمي مبنية على الغيرة والحسد؛ كوني أساعد زوجتي في رعاية الطفل، وتغيير الحفاظات، حتى أنها قد اتهمتني بأنني مسحور.

قمت بإعادة زوجتي إلى البيت، كما أن هناك مشاكل تحدث من قبل زوجات الإخوان، والأخوات، من غيرة، وحسد، وسوء ظن، وغيبة، كما أنني لا أجد راحتي مع زوجتي في البيت عند دخول الإخوة لزيارة والدتي مع زوجاتهم، أو بدون زوجاتهم، ومكوثهم أكثر من 3 أيام، أو أسبوع.

كما أنه حتى من ناحية الإنفاق في البيت: فإنني أنفق على كل ما يوضع لهم، وأضطر لأن أستدين آخر الشهر لبضعة أيام، ولقد ضاقت علي الدنيا، فقد مضى على هذه الحال أكثر من 4 سنوات، وقد قررت أن أستأجر بيتًا صغيرًا أسكن فيه مع زوجتي وولدي.

أخي الأكبر متزوج، ولديه أبناء، ويسكن وحده، وأخي الأصغر متزوج، وليس لديه أبناء، ويسكن وحده أيضًا، ويصفني بالعقوق؛ لأنني فكرت بأن أستقل في بيت مع زوجتي، وأنه لا يجب ترك أمي وحدها، وماذا ستفعل بضميرك لو أن أمك ماتت وحيدة؟

علمًا أنني أنا ووالدتي نسكن في بيت جدي، ووالدي توفي قبل جدي، بمعنى أننا لا نرث شيئًا، فهل إذا خرجت من البيت، وتركت والدتي بمفردها في بيت جدي في طابق خاص لنا، وعندنا من الأقارب أبناء العم، وزوجات أبناء العم، وزوجات العموم، وعمتي في البيت أيضًا، فهل سيكون هذا من العقوق؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Bilal حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُعينك على التوفيق بين حقوق الزوجة وبين واجبك تجاه الوالدة، التي نسأل الله أن يرزقك رضاها.

وأرجو أن يكون التنافس بينك وبين إخوانك في إرضاء هذه الوالدة، وفي عمل ما يُسعدها.

كما أرجو تشجيع زوجتك على الصبر في هذه المواقف التي تحدث معها، واجتهد دائمًا في أن تكون بارًّا بوالدتك، قائمًا بواجبك تجاهها وإن قصّر الآخرون، إذا قصّر الأصغر، وقصّر الأكبر، فلا تُقصّر أنت، فهذا فيه شرف الدنيا والآخرة.

وإذا كانت تواجهك صعوبات فالجنّة غالية، وتحتاج إلى صبر، وتحتاج إلى احتمال، وتحتاج إلى أن يتمسّك الإنسان بمعاني هذا الدّين وقيم هذا الدّين، فيجتهد في تقديم إرضاء الوالدة والإحسان إليها.

قطعًا الذي يحصل من الوالدة فيه صعوبة بالنسبة للزوجة، ولكن نحن نؤكد أن إكرام الإنسان لزوجته، وتفهُّمه لمعاناتها، يجعلها تحتمل كثيرًا من الصعاب التي تواجهها، ونتمنّى أن يتهيأ لك الوضع الشرعي المناسب في داخل البيت.

على كل حال: نحن نميل إلى الصبر على الوالدة، والإحسان إليها، وإذا أردت أن تخرج، فأرجو أن تشاورها في الحلول المناسبة، فإذا كانت ستذهب معك، أو إذا كانت ستبيت بينك وبين إخوانك، ومَن الذي سيقوم برعايتها؟ ولا نريد مرةً أخرى أن تترك هذا الشرف لغيرك؛ فرعاية الوالدة مطلب عظيم، وشرف كبير للإنسان، وننصحك بالمحافظة عليه.

ثم تعويض الزوجة على الصعوبات التي تواجهها، ولا تسمع كلام النساء في بعضهنَّ؛ فإن الغيرة –كما قلتَ– موجودة، وهناك أيضًا مَن يُساعد على الوشاية والنميمة، ولكن نحن لا بد أن نحتمل هذا الوضع، والمؤمن الذي يُخالط الناس، ويصبر على أذاهم خيرٌ من الذي لا يُخالط ولا يصبر، وهذه الحياة لا تخلو من الصعاب، ولا تخلو من المشكلات، ولكن الإنسان عندما يستعين بالله، ويجعل هدفه إرضاء الله تبارك وتعالى، ويُقيم بيته على دين الله، ويُعين الزوجة برفع معنوياتها عندما تتعرّض لمواقف تُؤثّر عليها، هذا هو الدعم الذي تبحث عنه أي زوجة، فإذا وجدت الزوجة منك الدعم، والتشجيع، والمناصرة؛ فإن هذا سيجعلها تحتمل كل الصعاب التي تواجهها.

ولا تُقصِّرْ في أمر الوالدة، وكن جيد الاستماع لها، ولا تُسيء إليها، ولا تتطاول عليها، ولا تُقدِّم أحدًا عليها، واجتهد دائمًا في أن تُبتعد عن نقاط الاحتكاك -النقاط التي فيها احتكاك، وتُثير المشكلات بين الوالدة والزوجة، أو بين الزوجة والأخريات- أرجو أن تتفادى مثل هذه النقاط، ومثل هذه المواقف.

وبالنسبة للإنفاق: لا يُكلف الله نفسًا إلَّا وسعها، اجتهد في ترتيب وضعك المالي، ونتمنّى أن تتفهم الوالدة والإخوان أيضًا هذا الجانب، ويجب عليهم أيضًا أن يكون لهم إسهام في مساعدة الوالدة، والتنافس على برِّها.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً